طلبة العلم والمثقفون..مستقبـل بلا عنوان

بعد هجرة الكثير من الطاقات الشّابة وغيرها، وزيادة الأجور والتعويضات لكل أصحاب الوظائف الحكومية والمتعاقدين، باستثناء أجور المفكرين والمثقفين الذين تتولى وزارة الثقافة نشر مؤلفاتهم.. وبعد انقطاع نسبة كبيرة من الطلاب السوريين عن الدراسة بسبب الظروف التي فرضها الصراع المسلح.. وبعد اكتظاظ صفوف المدارس الحكومية بأعداد من الطلاب لا تُتيح للمعلمين أداء واجباتهم على النحو المأمول.. بعد كل هذا وعشرات الأمور الأخرى.. أصدرت وزارة التعليم العالي قراراً برفع الرسوم المالية للدراسة الجامعية في التعليم النظامي والموازي والمفتوح، وتهدف الحكومة من خلاله إلى تحصيل المزيد من الأموال على حساب طلاب الجامعات..

والسؤال الذي يطرح هنا: ألن يؤدي هذا القرار إلى ترك الكثير من الطلاب لمقاعد الدراسة خاصة أن هذا القرار متزامن مع ارتفاع مستوى المعيشة بشكل لا يُطاق؟ في حين تقدم لهم العديد من الدول الأجنبية فرصاً للهجرة والتوطين والدراسة؟

ألسنا في حاجة إلى الطاقات والكفاءات العلمية لإعادة الإعمار، بعد هذا الدمار الهائل؟ هل ستمدنا الدول المسماة بالدول(الأصدقاء) بخبراء وطاقات مجاناً ولـ(سواد عيوننا أو خضارها)؟!! ولذلك لا حاجة بنا إلى كل طلبة العلم هؤلاء ولابأس بـ(تطفيش) نسبة ليست بقليلة منهم؟

ماذا سيفعل الطلاب الذين لا يتخذون الهجرة خياراً والذين لن يتمكنوا من إكمال تعليمهم بحكم تلك القرارات غير المدروسة، والتي حصرت التعليم بطبقات اجتماعية أعلى من طبقتهم؟؟ ماذا سيفعلون بعد أن أنفقوا ما أنفقوا من وقتهم وجهدهم ومالهم وأموال ذويهم؟

ألا يجب أن نخشى على بعض هؤلاء من الانزلاق والانخراط في صفوف المجموعات الإرهابية أو مافيات الفساد والتعفيش، أو مافيات المخدرات تجارة وتعاطياً؟ ومن جهةٍ أخرى ألا تستلزم الأعمال الحربية الكثير من الأموال والمزيد من الموارد والشباب ليكونوا بين مقاتلٍ وشهيد كي تستمر، في ظل تكلّس الحراك السياسي وسعي أصحاب القرار السياسي في جميع الجهات إلى فرض إرادتهم على جميع الأطراف الأخرى، عوضاً عن مزاولة العمل السياسي وإحداث تغيير ينعكس إيجاباً على حياة المواطن السوري مستقبلاً؟

أليس بإمكان الحكومة تحصيل مبالغ طائلة إن هي شنّت حرباً على الفساد عوضاً عن فرض مثل هذه القرارات على جيل هو ضحية بلادة الأجيال السابقة وتآمر قوى عالمية إمبريالية متوحشة؟

العدد 1140 - 22/01/2025