اللعب مع نظام الاستثمار في مرفأ طرطوس
سياسة اللعب تحكمها قواعد كثيرة، بعضها قابل للاختراق وبعضها غير قابل للتفاوض، فسياسة اللعب تحتاج إلى ذكاء خارق وسرعة بديهة، واللاعب القوي من جعل أسواره محكمة موصدة الأبواب وغير قابلة للاختراق، ولكن هل مرفأ طرطوس الذي أصبح حكاية واقعية لنموذج لعب خفي تهاوت حصونه وفتحت أبوابه وثائق لقرارات كشفت أسرار اللعبة وكسرت قواعدها غير النظامية؟
وثيقة جديدة لقرار استباح نظام الاستثمار في المرفأ ليكون مسرحاً لمجموعة من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم باحترافية عالية تكشف عن قواعد اللعب الذي أسقط قناع بطل المسرحية.
نظام الاستثمار في المرفأ هو جهة استثمارية ضمن حرم جمركي يعمل وفق نظام استثماري بموجب مرسوم جمهوري يستوفي رسومه عن البضاعة الداخلة إلى البلد للاستهلاك المحلي بالليرة السورية، فيستوفى للطن الواحد 150 ليرة سورية.
أما البضاعة الواردة ترانزيت فتستوفى الرسوم بموجب بيان جمركي بالعملة الصعبة فيستوفى للطن الواحد نحو 6 دولارات، ذلك أن المرفأ يستوفي هذه الرسوم مقابل أجور وتخزين.
الإدارة السابقة تبتدع نظام استثمار مخالفاً
ابتدعت الإدارة السابقة لشركة لمرفأ طرطوس نظام استثمار مستودعات خاصة منافياً لنظام استثمار المرفأ، مع العلم كما هو معروف أصولاً حسب القوانين السورية، بأن نظام استثمار المرفأ بحاجة إلى مرسوم جمهوري لتعديله، ولكن ما حصل من قبل الإدارة السابقة للمرفأ هو تجاوز القانون، فقد عملت الإدارة السابقة للمرفأ بموجب نظام استثمار المستودعات الخاصة كي يستوفي الرسوم بالليرة السورية أي 150 ليرة سورية للطن الواحد بدلاً من 6 دولارات، مع العلم أن نظام استثمار المرفأ ونظام استثمار المستودعات الخاصة المعمول به، كانت تستوفى رسوم الترانزيت بالعملة الصعبة أي 6 دولارات للطن الواحد، والمرفأ يمتلك مستودعات بمساحات كبيرة جداً، والسؤال هنا: لماذا كانت تخرج بضاعة الترانزيت إلى المستودعات الخاصة دون بيان جمركي ودون استيفاء رسومها بالعملة الصعبة وفق نظام الاستثمار الجمهوري؟
بالاستقصاء للتعرف على واقع الأمر، وحصلنا بالمتابعة على وثيقة بوثيقة تثبت مدى التحايل على نظام استثمار المرفأ الأساسي وتحصيل رسوم الترانزيت بالليرة السورية بدلاً من العملة الصعبة من قبل المدير السابق للمرفأ، وهذا التحايل على النظام المعمول به وفق مرسوم جمهوري يكشف فوارق بأكثر من مليار ليرة سورية من المفترض أن تكون بخزينة الدولة حصيلة الرسوم التي يجب أن يكون المرفأ استوفاها رسوم ترانزيت وفق نظام الاستثمار، ولكن أين ذهبت؟
وهذا ما أكدته الوثيقة التي حصلنا عليها للقرار رقم 78/ص4م بتاريخ 13 آب 2014 الموقع من قبل المدير السابق، وفحواها كالتالي: (طلبت اللجنتان الإداريتان بالجلسة المشتركة الثانية لعام 2014 المنعقدة بتاريخ 6 آب 2014 على كتاب الشركة العامة لمرفأ طرطوس رقم 4262/ص.م.م تاريخ 1 تموز 2014/ ومرفقاته بخصوص موضوع البضائع التي تخرج من المرفأ ومقصدها سورية ويتم إدخالها إلى المستودعات الخاصة بأصحاب البضاعة وفق الأنظمة والقوانين الناظمة لعمل المستودعات الخاصة
وبعد المناقشة قررت اللجنتان الإداريتان ما يلي:
تحتسب جميع البدلات المترتبة على البضائع التي يتم إيداعها في المستودعات الخاصة بالقطع الأجنبي كما هو حال العمل بالبضائع التي يتم إدخالها إلى المناطق الحرة وبما ينسجم وقرار التعرفة النافذة وذلك اعتبارا من تاريخ 24 آب 2014).
سؤال، بصفتنا سلطة رابعة، نتوجه به لسيادة المدير السابق للمرفأ: من هو المسؤول عن ضياع أموال عامة خلال عام كامل؟ هل هو المدير العام أم نظام الاستثمار؟ فمنذ تولي المدير العام السابق منصب إدارة المرفأ وحتى تاريخ قراره رقم ،78 مع العلم أن المرفأ كان قبل توليه يستوفي رسومه حسب نظام الاستثمار وهذا ما تؤكده كل التقارير في الموجودة بمكتب الاستثمار في المرفأ.
وهل هناك قرار سابق مخالف لقراره حول هذه الرسوم؟وهل يجوز أن تنهي العمل بنظام استثماري بقرار إداري؟
وهل العمل بنظام مستودعات خاصة ينهي العمل بنظام استثمار المرفأ ورسومه؟ مع العلم أن البيان الجمركي يحدد مقصد البضاعة.
ونتوجه بالسؤال للسيد رئيس مجلس الوزراء: هل مرفأ طرطوس هو شركة خاصة يمتلكها شخص أم هو مؤسسة عامة للدولة؟
مع العلم أنه حسب النظام الأساسي الموجود، لايتم استيفاء الرسوم حسب نظام الاستثمار الصادر بمرسوم جمهوري بموجب بيان جمركي، فمن المفترض أن يستوفي المرفأ رسومه وفق البيان الجمركي، ولكن من خلال المعلومات التي حصلنا عليها بالتقصي والتدقيق كانت البيانات الجمركية تنظم خارج المرفأ، فمن الواجب على المرفأ أن يستوفي قيمة تأمينية ريثما ينظم بيان جمركي ويستوفي الرسوم وفقه. فقد كانت تخرج البضاعة إلى المستودعات الخاصة بثلاثة تجار (ن.س) مكتب (ن.ذ) و(ط.ص) خارج المرفأ والمتعلقة بالترانزيت، وكانت تستوفى قيمتها بالليرة السورية ودون بيان جمركي ومن دون تأمين، وقد كان البيان الجمركي ينظم في مديرية الجمارك.
معادلة رياضية بسيطة
تقدر بضاعة الترانزيت التي دخلت المرفأ على عهد المدير السابق بنحو مليون طن، وبمعادلة بسيطة لفرق الرسوم سوف نحصل على قيمة كبيرة للمال الذي يجب أن يكون في الخزينة:
1000000 طن ترانزيت * 6 دولارات (مع العلم أن سعر الدولار كان مرتفعاً وفوق 150 ليرة سورية 6دولار * 150 ليرة سورية = 900 ليرة سورية للطن الترانزيت الواحد).
أي 1000000طن ترانزيت *900 ليرة سورية = 900000000 ل.س
ماكان يستوفى فعلاً بالليرة السورية على أساس 150 ل.س للطن:
1000000طن ترانزيت * 150 ل.س = 150000000 ل.س
900000000- 150000000= ،750000000 نعم الفرق سبعمئة وخمسون مليون ليرة.
هذا إذا كان صرف الدولار 150 ل.س، وكل السوريين يعلمون أن سعر صرف الدولار خلال عام 2013 تجاوز 300 ل.س.
حسب المعلومات التي تتداول في المرفأ أن السيد رئيس مجلس الوزراء أرسل كتاب توبيخ للمدير العام السابق وطلب منه العمل وفق نظام استثمار المرفأ الصادر بالمرسوم الجمهوري، وقد عقد اجتماع بهذا الشأن ولكن لم ينفذ الأمر أبداً، وبقي الحال لأكثر من سنة حتى صدور القرار 78 الذي حصلنا عليه وأوردناه كما هو بالحرف.
فيا حكومتنا الموقرة: نضع هذه المقالة برسم سيادتكم الكريمة!