غيرةُ المرأة.. صياغة شريكها!

امرأتكَ العاشقة، فوق طاقتها لا تحملها، لا تصفعها باللومِ والتجاهل، بالتبريرات غير المقنعة، بالمديح المبالغ به، أو بالصمت. هي تغار من فيض حبها، تنوء بحزنها، تثور وتغضب وتفقد أعصابها، وأنتَ البريء المتهم أيها الرجل.

منهن التي تشغلُ أنظار الجميع، جمالها أخاذ ونجاحها قادرٌ على اجتذابِ الثقة المطلقة، وتغار عليك! لا ترتبط الغيرة بزيادة شأن المرأة أو قلّته، رغم أنها في حالاتٍ محددة تعود إلى إحساسٍ عميق بالنقص. إلا أن الغيرة المعتدلة هي شعور إنساني متقدٌ في القلب، ثقابه الإحساس بعدم الأمان. ليستْ مرضاً أو انحرافاً نفسياً. هي حالة فطرية، عادة غير مكتسبة لا يستثنى منها أحد من البشر. وهي دليلٌ على اشتعالِ الحب بين الشريكين.

مثلُ الغيرة كمثل الحب والألم، والغضب والفرح وغيرها من المشاعر الطبيعية. تختلف باختلاف مسبباتها وتتباين من امرأة وأخرى، وتؤدي في تطرفها إلى مشكلات أسرية واجتماعية ومهنية كبيرة. وغيرة الرجال ليست أقل خطورة من غيرة النساء، خاصة تلك التي تسير بالعلاقة إلى عزل المرأة (الجوهرة) عن عالمها.

بعضُ الرجال يحاولون إثارة غيرة نسائهم من باب المزاح أو الاستفزاز أو استشفاف حبهن لهم، ولا يدرون أنهم يدخلون أنفسهم في متاهات لا نهاية لها. الآثار النفسية من حساسية وتوتر وقلق يتركونها في القلوب لا تزول بسهولة، ولا يدركون أنهم أشعلوا في ربيع العلاقة ناراً عاتية.

صامتةٌ أو ثائرة، تصير المرأة رقيباً، تتقن فن التحقيق والتقصي، تحفظ المواعيد، الوجوه القريبة والغريبة، الملامح وانفعالاتها! لا تفوتها فائتة ولا يخدعها تسويغ. غيرتها تكدر صفو الحياة، تعيقُ تقدمها الاجتماعي والعملي، تقلل من قيمتها أمام ذاتها، وقد تفقدها أنوثتها وجاذبيتها وتضعف شخصيتها، وتجرفها أكثر وأكثر صوب هاوية الشك، الشك طاعنُ الحب ونزيفُ نهايته.

أن تمنح المرأة الثقة لرجل بعد شعلة الغيرة الأولى، فرصة ثمينة للعلاقة أن تزهر ثانية. وعليهِ مسؤولية كبيرة : بالتعقّل والتروي، بالابتعاد عن الأسباب الموجبة للغيرة والتصرفات المثيرة للظنون والشكوك. لا للمقارنة ولا للمبالغة في مديح الأخريات. تبنّى الصراحة والوضوح، وامنع قلبها أن يتحول مستودعاً للريبة.

من المهم أن تدرك أيها الرجل أن علاج الغيرة كامنٌ في رفع معنويات شريكتك، والثناء عليها وتذكيرها بأهميتها واحتلالها مكانتها الأولى بقلبك.

يسيرٌ عليك، بحسن تعاملك، أن تضحي امرأتك موضوعية، تستشعر بهاءها أمام ذاتها، تعزز ثقتها بما يميزها عن غيرها، وتغذيه. تنظر بعين الناقدة إلى نفسها، وتتعرف إلى مكامن الخطأ المؤدية إلى فخ القلق والتوتر.

بدعمكَ، تتوازن غيرتُها أكثر. وعالمكَ الثري بالنساء تعبره بسلامٍ أكبر.

العدد 1140 - 22/01/2025