لستِ من ضلعهِ..
معشوقة أبي!
دعيه معنا أيتها الجميلة، ألستِ من جمعْنا الياسمينَ وإياها ذاتَ مدينة! سألتكِ كيف لشعركِ الطويلِ ألا تحرقه الشمس؟ من سلبَ خماره؟ الأسود ينوح هنا متهدلاً يتسع، تضيقُ القاماتُ به. وقدّكِ الأهيفُ زاهي القماش حوله يطوفُ، ألا تمزقهُ أنفاسُ الدروب..!
أمي لا تشبهكِ، لا تقيمُ فيها ابتسامتكِ.
-(ما كل امرأة أنثى! وليستْ كل والدةٍ أمْ).. ترتدي عبارته، تلطمُ عمرها. للظلم ظلٌّ يستبيحُ الوداعة، يشتمُ المسميات. أمي المحترقة بهجرها، كل مساء تذبحُ دمعة.
لا تملكُ الحريرَ أو العطور! أعوادُ الريحانِ في عروةِ ثوبها القطني تجفُّ قبل أن يرجع. لا تشبهكِ أمي التي لا يفوح منها انتظارُ راحلٍ لا يعود.
أخبرَتْني أن الرجل يحرقُ امرأة تلو امرأة، برمادهن يغرقُ ذاكرته. وينسى، يظن أنه ينسى! وأراها تقبضُ جمرتَهْ، تخنقها فتخبو. تنظرُ رمادَ كفّها. تشقى.. تُشفى وتنسى.
لا تنتمينَ لأرضه. لا تخرجينَ في ثورةِ المعدمين معه. لم تمزقي في أعينِ الدركِ راياتِ تمرده. أسفحتِ في عتباتِ السجونِ ما تبقى من وجهكِ، صمتكِ وقهركِ؟ أم عجنتِ في بيوت الجيرة رغيفه المفقود!
لا صلاة للمخذولين، لا تراتيل، لا وعود. في أعناقهم مسامير معقوفة. أعلى رؤوسهم تحطُّ أسقف المفارقِ صلدةً لا تمطر.
لا يغني المسحوقون. الريحُ تبذرهم شتلاتٍ لا يطلقها التراب، لا يلتقطها عابرُ الطير. فوق مكدسِ الحطبِ ترسيهم غبارها الأبيض. عن أسطورةِ الحبّ لا تحدثيني.. النفيُ مصيركِ، كثيرُ أطفالهِ اليتامى، وقلبُه يحتويكِ تمضغه البلاد.
ضلعُهُ! لستِ منه. كسروا جذعه وفتّتوا العظم، لم يجدوا لكِ أثراً. محيّاه لا تشبهين، لا تغيبُ بمعصمكِ فضته. انظري قامتكِ، عينيكِ، يديكِ، لقبك..! ابنةُ عمه؟ اكتمي أنفاسَ العبارة.
دمُه، من نحملُ صيغته، نحن الأهلون المقربون..
وأنتِ.. البعيدةُ، الغريبة.