تمنيات لـ 2015 بلا فساد!

شمعة جديدة لعام جديد لا تحتاج إلى كهرباء أو مازوت ولا إلى تقديم طلب للمختار، أو تسهيل الأمر من مسؤول اللجان الشعبية في الحي أو في القرية.. وهذا حال العام الجديد حيث عاش المواطنون بنعيم الكهرباء ليلة كاملة متكاملة بأضلاعها الـ 24.!

بداية كانت مشرقة مع أول صباح لعام -2015- سمعنا كلمات لطيفة بمناسبة العام الجديد (إنشاء الله يكون عام 2015 عام خير وسلام وأن تعود المحبة ويعمّ الأمان سورية في جهاتها الأربع). هذا كلام جميل… وبعده ينتقل المواطنون (أفراداً وجماعات) للحديث عن الفساد الصغير.. الفساد المرئي في كل ساعة من ساعات اليوم.

كان المشهد الأول في مساء اليوم الثالث من العام الجديد.فبينما كنت مع صديقي في سيارته ذاهبين إلى مشفى الراضي بجرمانا، لمراقبة شقيقته المسعفة إلى هناك، وإذ بدورية مرورية أوقفتنا لمخالفتنا بعدم وضع حزام الأمان.. وكان ذلك عند حاجز مدخل جرمانا.. السؤال وضع الحزام أمان واطمئنان وهذا لا غبار عليه أبداً.. ولكن ماذا يفيد عند الحاجز الذي يمكن أن ننتظر نصف ساعة أو أكثر حتى نجتازه؟ النتيجة ليس الخوف علينا ولا على جيوبنا، بل الطلب جهراً وليس بالمجهر العيدية. ودفع الصديق ال 500 ليرة مدعّماً كرمه بتمثل حاتم الطائي، وهو يقف على رجليه الاثنتين ويتعكّز عليَّ وظل يضغط على كتفي والشرر يتطاير من عينيه العسليتين؟!

والفساد الصغير لا يعدّ ولا يحصى.. وكنت قد تحدثت عنه في زوايا سابقة في جريدة (النور). ولكن مقام الفساد الكبير وقيمته الاقتصادية والاجتماعية أكبر بكثير، ويحتاج إلى مساحة أوسع من هذه الزاوية. وجميعكم يدرك عن وعي (ثوري) وحس وطني وشعور بالمسؤولية، خاصة في ظلّ أزمة طحنت خلال السنوات الأربع الكبير والصغير والمقمّط بالسرير، أن مشاهد مقززة للنفس نراها في الطرقات العامة في مداخل العاصمة التي تصلها بالريف الدمشقي، من بائعي بيدونات المازوت بأسعار عالية جداً.. ويسكت المواطن ويضمّد جروحه وهو يرضخ صامتاً لسائقي السرافيس، وهم يضيفون كل يوم أسعاراً جديدة.. وكذلك على المواطن ألا ينسى سيارات الأجرة ومعظم السائقين الذين يستحقون اللعنة صباحاً وظهراً ومساء، علماً أن هناك سائقين شرفاء غير طمَّاعين..! وشكاوى سكان جرمان المتكررة عن انقطاع الكهرباء أياماً عن بعض الأحياء مثل (كشكول) وفي حارات (دير إبراهيم الخليل)، رغم دفع الإكراميات بالمئات والألوف للذين يعرفون الشريط الساخن من الشريط البارد! عدا عن حاويات القمامة المفروشة في الشوارع وأمام الأبنية… وعدا عن تجار الخبز ومضاعفة سعر الربطة مئة بالمئة، وعن القصابين الذين يخلطون لحم الجاموس بلحم الأبقار والعجول.. وماذا تقولون عن الفساد الصغير أو الأصغر والأكبر، وعن سعر أسطوانة الغاز ب 2000 ليرة وكحد أدنى ب 1400 – 1500 ليرة… وهذه شذرات وجزئيات لا قيمة لها يعتبرها بعض (الكرماء) من العيوب الإقليمية والدولية، لا تنغّص حياة الناس ولا تنقص من أعمارهم..!

ينام الفساد الصغير ويقوم مع المواطن الذي لا حول له ولا قوة، إلاَّ العضّ على لسانه وسماع صرير أسنانه والخوف من الوقوع في الخطأ، لكن المواطن يصبر ويصبر ويتحمَّل كالجمل في الصحراء الإفريقية الكبرى.. ويقول (ليس باليد حيلة ولمن أشكو.. الشكوى لله..؟!).فما دامت الضمائر ميتة وتجار الأزمات الصغار منهم والكبار، يسرحون ويمرحون ويتغاوون وهم يجمعون أموالاً طائلة لا تأكلها النيران،ويعيشون على حساب المواطنين وتعبهم وعرق أصحاب الدخل المحدود وجيوبهم المثقوبة،بل الدخول المحدودة جداً في غلاء فاحش لا يطاق وارتفاع أسعار مجنونة.. ولم يعدْ للأمل مكان أو فُسْحة ضيقة أو لخلايا تتجدد في ظل فساد يستشري في المجتمع، ولا أحد يقدر حتى هذه اللحظة أن يضيّق الخناق على الفساد ويوقف نموه..!

العدد 1140 - 22/01/2025