كي لا ننسى…الرفيق المناضل إحسان العبدالله (أبو حسام)

(1938-1997)

 ولد في قرية (حوط) الواقعة جنوب السويداء عام ،1938 وهو سليل لأسرة شعبية عرفت بتمردها على الإقطاع والعشائرية الموروثة. قارعت الاستعمار بكل أشكاله، فكان لأبنائها الحصة الكبيرة من الشهداء.. إذ إن والده محمد العبدالله استشهد في المواجهات التي قامت في جبل العرب عام ،1947 وجدّه الشاعر الشعبي إسماعيل العبدالله أدى دوراً هاماً في مقارعة الاحتلال العثماني وأمضى قسماً من حياته في سجونه واستشهد في إحدى غارات القبائل البدوية.

عاش إحسان طفولته في حوط، القرية الصغيرة، وعاش معاناة أهلها في مواجهة الحياة.. تعلم عاداتها وتقاليدها، وتمرد أبنائها على الظلم والطغيان، وبعد استشهاد والده بدأت رحلة حياته القاسية ومعاناته، فعاش فترة قصيرة من حياته في (بيت اليتيم)، وهرب بسبب ظلم القائمين عليه. دخل المدرسة الابتدائية في قريته، وفي سن الرابعة عشرة من عمره انتسب إلى منظمة الشباب الديمقراطي، ثم إلى منظمة الحزب الشيوعي في القرّيا.. وكان من أولئك الرواد الأوائل الذين كان في طليعتهم الرفاق يوسف مطر وأنس رعد وسليمان بدرية وغيرهم ممن ناضلوا من أجل قيام مجتمع تقدمي في سورية تسوده الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

عمل على تنظيم الشباب في قريته والقرى القريبة المجاورة لسنوات طويلة، ومازالوا يذكرونه بمحبة وتقدير عميقين.

وفي عام 1960 وبسبب ملاحقة الشيوعيين تحت ذريعة حل الأحزاب، سافر للعمل في الكويت وعاد عام 1965 إلى قريته، وتزوج من ابنة عمه التي ساعدته ووقفت إلى جانبه في كل النشاطات رغم أنها لم تكن في صفوف الحزب. بعد ذلك غادر مع عائلته إلى دمشق عام 1971. عمل إحسان في معمل الأسمنت، ثم انتقل إلى معمل الأترنيت في دمشق متابعاً نشاطه السري والعلني لسنوات طويلة. كما مثّل الحزب في نقابة عمال الأسمنت والأترنيت لدورتين متتاليتين. تعامل فيها مع كل المهمات التي كلف بها بجد ومسؤولية، ولم يتردد أبداً لحظة في القيام بما يخدم الشعب والوطن.

أبو حسام هذا الإنسان الكبير بتواضعه، بدماثة خلقه، بكل جوانبه الإنسانية، كان نموذجاً حياً للمناضل الشيوعي، خاصة في العمل السري، وكان يعرف جيداً خطر ما يمكن أن يواجهه، وكانت أم حسام في هذه الأثناء تتابع نشاط الحزب وتقدم، بصدر رحب، كل مساعدة ممكنة للرفاق من أجل تنفيذ مهمتهم، وكان بيتهما يغص بالرفاق والأصدقاء رغم ضيقه، إضافة إلى والدة زوجها المسنة والمريضة، فكانت تدير الأمور وأولادها بطريقة رائعة.

تتسم أم حسام بتواضعها الشديد بعيدة عن حب الذات، محبة للآخرين، علّمت أولادها حب الوطن واحترام الناس خاصة البسطاء والمهمشين.

كان أبو حسام عضواً في اللجنة المركزية للحزب، وعضو في اللجنة المنطقية ومكتبها في دمشق، وشغل مواقع حزبية ونقابية مختلفة، وكان مثال الرفيق المتفاني الذي جمع بين مسؤوليته الحزبية والمهنية والعائلية بانضباط شديد جداً ونكران ذات وإخلاص، دون الالتفات لمصالحه الشخصية. كان يحمل هموم وطنه وشعبه، ورغم الصعوبات والانقسامات التي اعترضت مسيرة الحزب، لم ييأس يوماً من النضال من أجل إعادة الوحدة إلى صفوفه، ورغم التعقيدات التي عاشتها البلاد، فإنه لم يتخلّ عن ثقته بأن عهداً جديداً سيأتي أكثر إنسانية وأكثر عدالة. ولكونه عاملاً نقابياً كان يرى أن الحركة العمالية ستجتاز الصعوبات وستغتني أكثر فأكثر بمضامين تلبي متطلبات الحياة والتطور.

كان ذا تأثير كبير على محيطة العائلي بالأفكار والمبادئ التي آمن بها، حتى لو لم يرتق الجميع إلى مستوى الالتزام الفعلي، وكان احترامه عميقاً لزوجته وأولاده ورفاقه، ويرى فيهم الأمل في دفع عملية التطور إلى الأمام.

استمر نضاله على هذا النحو حتى اضطر عام 1993 للعودة إلى بلدته (حوط) وانتقل إلى مؤسسة الاتصالات، وفي عام 1997 أصيب بورم شديد في الرئتين نتيجة عمله في معمل  الأسمنت.

كان شجاعاً حتى لحظاته الأخيرة، لم يستسلم لمرضه، ولم ينحن أمامه، إلى أن وافته المنية في 18/9/،1997 وكانت أم حسام الزوجة الوفية خير عون له في أيامه الأخيرة، كما كانت دائماً مخلصة وصادقة وأماً حنوناً.

إن فقدان الرفيق أبو حسام خسارة وطنية وطبقية وحزبية بشكل خاص.

ستبقى ذكراه خالدة في قلوب كل من عرفوه.

العدد 1140 - 22/01/2025