القلق المشروع من الامتحانات واختيار المستقبل
يعتبر القلق حالة انفعالية مشروعة لأنها تنمّ عن مقدار الجهد والتعب الذي يبذله الطالب لتحقيق أهدافه في تجاوز مرحلة هامة في حياته وتحديد مساره العلمي والفكري والمادي، فحين يدخل الطالب الامتحان يعتري القلق قلبه وتزداد نبضاته أضعافاً مضاعفة، لأن نتيجة الامتحان هي الأساس في مشوار المستقبل وتحديد الاختصاص ومراعاة الحياة الاجتماعية، وخاصة الأسرة، ولهذا يصبح قلق الطالب ذا مصدرين، فمنه اجتماعي في اختيار الاختصاص، والفلق الأكثر مشروعية هو درجات النجاح أو العلامات التي يعمل الطالب والأسرة للحصول عليها.
الموجهة الاختصاصية للإرشاد الاجتماعي عهد العماطوري أوضحت أنه كثيراً ما يقع الطلاب في حيرة واضطراب عند بدء اختيارهم لمسار تعليمي، أو تخصص أكاديمي بعد إنهاء المرحلة الثانوية، إذ تتنوع أمامهم مجالات الدراسة المتاحة. ولا يخفى على أحد ما قد يعانيه هؤلاء الطلاب من آثار سلبية ناجمة عن تلك الحيرة، أو ذلك الاضطراب. وأضافت أن للتخصص الذي يقود إلى مهنة معينة أهمية كبيرة، لما يترتب عليه من آثـار تنعكس على الفـرد وأسرته ومجتمعه.
أما سوء اختيار التخصص فيحتاج إلى تكلفة مادية كبيرة لتصحيحه، إضافة إلى تكلفة الجهد والوقت الضائع من عمر الطالب، وهناك ثلاثة محددات وموجهات رئيسية مسؤولة عن اختيار الطالب للتخصص الأكاديمي، المحدد الأول هو المدرسة، من خلال التوجيه المهني، والثاني هو الأسرة، التي يقع على عاتقها دور كبير وهام في التوجيه، والمحدد الثالث هو الطالب نفسه، وعليه أن يدرك أهمية تلك الخطوة ودراسة كل العوامل والبدائل المتاحة أمامه، وأؤكد أهمية توخي الدقة، وعدم الضغط على الأبناء في اختيار التخصصات الأكاديمية، التي ترسم صورة مستقبلهم العلمي والعملي، وإجراء موازنة دقيقة بين الطموحات والرغبات وبين القدرات والإمكانات، والعمل على اكتشاف الميول والقدرات قبل أن يتخصص الطالب في المرحلة الثانوية في احد الفرعين العلمي أو الأدبي، وعدم تأثير الأصدقاء، وأهمية دراسة متطلبات سوق العمل من المخرجات والتخصصات العلمية، واختيار المؤسسات التعليمية النوعية والرائدة.
وهناك بعض الإرشادات تساعدهم في اختيار التخصص الدراسي المناسب، فالخطوة الأولى تكمن في التقييم الذاتي للميول واهتمامات الطالب، بأن يسأل نفسه: ما الأشياء التي تجعلني سعيداً؟ ما نوع المهن أو الوظائف التي تعجبني؟ وإذا لم يكن الشخص متأكداً من الإجابة عن مثل هذه الأسئلة إجابة سليمة ودقيقة، فعليه اللجوء إلى استخدام اختبارات وقوائم الميول المهنية التي تساعد الفرد في التحديد الدقيق لميوله المهنية واهتماماته. الخطوة الثانية تتمثل في اختبار قدرات الفرد، ونقاط القوة والضعف التي يمتلكها، والمهارات التي يتقنها، وبسهولة يمكن للطالب أن يتعرف إلى ذلك بالنظر إلى المواد التي درسها في المرحلة الثانوية. أما الخطوة الثالثة فتتضمن تفحّص قيم العمل التي يؤمن بها، ومن الأمثلة على ذلك خدمة المجتمع، العمل تحت الضغط، العمل مع الجماعة، الاستقرار في العمل، المكانة، درجة حبه للمال، العمل منفرداً أو مع المجموعة وغيرها. والخطوة الرابعة هي استكشاف المهن، والتخصصات الدراسية التي تقود إلى كل مهنة.
إن نمط الشخصية يلعب دوراً هاماً في اختيار التخصص الدراسي المناسب. وإن شخصية الطالب هي ما يجعل منه شخصاً فريداً، وإن التخصص الدراسي المناسب هو الذي يتطابق ويتناغم مع نمط هذه الشخصية، كما أن استكشاف الميول المهنية والجمع بين هذه الميول وأنماط الشخصية التي تتلاءم معها لهو أمر جوهري في اختيار التخصص الدراسي المناسب. يجب أن نعرف جميعاً أنه في الوقت الحاضر أصبح الأبناء أكثر وعياً وفهماً نتيجة ظهور التكنولوجيا.. فالشاب اليوم قادر على اختيار مستقبله العلمي أو المهني وقادر على التعرف إلى متطلبات سوق العمل.
ما نريد تأكيده للطلبة الخريجين ومن هم على مقاعد الدراسة أن هناك وظائف وأعمالاً يمكن العمل بها وألا يكتفوا بانتظار الوظيفة الحكومية.