من أجل إعلام سوري عصري تعدّدي مقاوم للاستعمار الجديد والإرهاب ويلبي التوجه نحو مستقبل سورية الديمقراطي.. العلماني

 تحول الإعلام في عصر عولمة القطب الأمريكي إلى شريك فعلي في تنفيذ المخططات التي ترسم في الدوائر السياسية للإمبريالية الأمريكية وشركائها الأوربيين، للهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي العالمي. وبدلاً من استخدام وسائل الاتصالات والبرمجيات الحديثة لخدمة قضايا السلم العالمي، وحلّ المعضلات السياسية والاجتماعية التي تعانيها الشعوب، من أجل ضمان مستقبل مشرق للإنسانية جمعاء، عمدت الإمبراطوريات الإعلامية العالمية إلى استغلال وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة في تهيئة المناخ الملائم لهيمنة قوى الاستعمار الجديد على مقدرات الشعوب، وطمس كل مظهر من مظاهر الاستقلال والسيادة والخصوصية الوطنية لدول العالم النامية.

لقد كانت الأزمة السورية مناسبة ليتعرف السوريون على كيفية استخدام القصف الإعلامي الممهد للهجوم الواسع والمتعدد الأشكال، الذي مارسته وسائل الإعلام العربية والأجنبية المرتبطة بالمشروع الأمريكي للهيمنة على الشرق الأوسط، وضمان استمرار استنزاف موارده، إذ تحول هدف الإعلام لديها من البحث عن الحقائق إلى تصنيع الأكاذيب، وفبركة الأحداث، لتكوين رأي عام سوري منوَّم تنويماً مغناطيسياً، يتقبل كل ما تبثه.. ويصدق كل ما تنشره وسائل الإعلام المعادية حول أحداث الأزمة السورية، وتشجيع التطرف، وخاصة الفكر الرجعي والغزو الإرهابي الذي دعمته قوى التحالف الدولي المعادي لسورية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها.

لذلك لا بد، حسب اعتقادنا، من إعادة النظر بالأسس التي ارتكز عليها الإعلام السوري منذ عقود، وتحويله من إعلام (دولة) أحادي، إلى إعلام (مجتمع) تعددي، يعبّر عن تطلعات فئات الشعب السوري المختلفة، يؤمن بالحوار، ويعترف بالآخر، تساهم فيه جميع القوى السياسية والمجتمعية، يهدف في المرحلة الحالية الاستثنائية التي تمرّ بها بلادنا إلى تحقيق أمرين اثنين:

الأول- التصدي للهجوم الإعلامي المعادي، وإظهار الحقائق أمام الرأي العام السوري والعربي والعالمي، وخاصة الغزو الإرهابي الذي استهدف هدم كيان الدولة السورية..وقتل المواطنين السوريين، وهدم كل ما أنجزه الشعب السوري خلال تاريخه الحديث، واستخدام جميع الوسائل والإمكانات المتاحة كي تحظى وسائل إعلامنا بمصداقية تصبح شعارها الدائم.

الثاني- تكوين رأي عام وطني تعددي في مواقفه السياسية والاجتماعية، لكنه متمسك بالسيادة الوطنية، ومعاداة الاستعمار الجديد، ومساند لعملية التغيير السلمي نحو بناء مستقبل سورية الديمقراطي العلماني، ومحرّض على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمتوازنة.

ولتحقيق هاتين المهمتين الملحتين، نرى ضرورة تحقيق الخطوات التالية:

1 تعديل قانون الإعلام الأخير، وإلغاء المواد التي تحد من حرية وسائل الإعلام وفاعليتها، وخاصة ما تعلق منها بالإشراف والرقابة والعقوبات الإدارية والمالية.

2 عدم احتكار استخدام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الحكومية من جانب حزب واحد، بل فتحها أمام ممثلي القوى السياسية والاجتماعية والوطنية.

3 تبسيط إجراءات الترخيص لوسائل الإعلام التابعة للأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني، والقطاع الخاص.

4 تشكيل مجلس أعلى للإعلام، يضم ممثلي القوى السياسية والمجتمعية، يتولى الإشراف على تطبيق قانون الإعلام المعدل.

5 الاهتمام بقسم الصحافة والإعلام في الجامعات السورية، وتأهيل الخريجين ميدانياً لرفد الإعلام الوطني بالكوادر الشابة المؤهلة.

6 رفع كفاءة الصحفيين، والعاملين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وإقامة دورات تدريبية مستمرة لرفع مستوى أدائهم.

7 الترخيص لنقابة الصحافة التي تضم جميع العاملين في الصحف الرسمية والحزبية والخاصة، التي تتولى تمثيلهم، والدفاع عن حقوقهم، على أن تتولى الهيئات المنتخبة ديمقراطياً إدارة هذه النقابة.

8 تحديث وسائل الاتصالات، وربط وسائل الإعلام بشبكات التواصل العالمية، وتسهيل حصول الصحفيين على المعلومات.

فيما يتعلق بصحف أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية:

واجهت صحف أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، ومنها صحيفة (النور) التي يصدرها الحزب الشيوعي السوري الموحد، منذ صدورها صعوبات ناجمة عن السياسة الإعلامية للحكومات المتعاقبة، وأخرى تتعلق بالدعم المالي الحكومي، ومن ذلك:

1 – عدم دعوة صحافة الأحزاب إلى حضور الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنظمها وزارات ومؤسسات الدولة.

2 – تجاهل صحافة الأحزاب في البرامج الإعلامية والملخصات الإخبارية في التلفزيون والإذاعة، والاكتفاء بإبراز مواد الصحافة الحكومية.

3 – الصعوبة البالغة التي تواجه صحف الأحزاب في الحصول على المعلومات من الجهات الرسمية بشتى الذرائع.

4 – ضآلة وسوء توزيع صحف الأحزاب على المنافذ والمكتبات والأكشاك، إذ لا تتجاوز ما توزعه مؤسسة التوزيع الحكومية من صحيفة (النور) في دمشق 100 نسخة!

5 – عدم دعوة محرري صحف الأحزاب إلى دورات الصقل وتطوير المعلومات التي تنظمها وزارة الإعلام وبقية الجهات الإعلامية.

6 – تقليص الدعم المالي الحكومي لصحافة الأحزاب شيئاً فشيئاً حتى وصل هذا الدعم إلى ما نسبته 25% من مبلغ الدعم الأساسي الذي أقرته الحكومات المتعاقبة.

7 – حرمان صحافة الأحزاب من الإعلانات الرسمية والتجارية التي توزعها المؤسسة العربية للإعلان، التي توزعها فقط على الصحف الحكومية وصحيفة البعث.

العدد 1140 - 22/01/2025