روسـيا: القوة الفاعلة على الأرض في مواجهة داعـش هي الجـيش السوري

ميركل: نحن بحاجة إلى العمل مع روسيا لحل الأزمة السورية …الأمريكيون يهوّلون الوجود الروسي في سورية

تهويل الأمريكيين المساعدة الروسية العلنية لسورية وجيشها، والقلق (الزائف) من وجود روسي كثيف لدعم الجيش السوري في مواجهة الإرهاب، قابلته موسكو بمواقف صريحة لا تحتاج إلى تفسير.. إذ أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن القوة الأكثر فاعلية على الأرض في مواجهة داعش هي قوات الجيش السوري، واصفاً سلوك التحالف الغربي بعدم التنسيق معها وإشراكها في الحرب على الإرهاب بـ(الهراء). وقال لافروف إن الغرب ينصت جيداً للمقترحات الروسية، لكن تحيّزه لإسقاط النظام في سورية، الذي أعلن عنه منذ عدة سنوات لا يسمح له الآن بتغيير موقفه هذا خوفاً من فقدان ماء الوجه.

الدول الأوربية تدرك جيداً أنها تورطت بتحالفها السياسي مع الولايات المتحدة منذ بداية الأزمة السورية، وبعضها بدأ يعلن تصريحات أكثر توازناً، وتفهماً لأوليات حل هذه الأزمة، ويبدي تأييده للحل السياسي القائم على مواجهة الإرهاب.لزعيمة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت ضرورة العمل مع روسيا لحل الأزمة السورية، وكذلك طالب مستشار النمسا بأهمية التعاون مع الحكومة السورية في التنسيق لمواجهة الإرهاب وحل المسألة السورية عبر الأساليب السياسية.

أوربا المهووسة اليوم بتدفق اللاجئين السوريين إليها، مرشّحة للعب دور أكبر في دعم الجهود الروسية، لكن القضية تحتاج إلى أفعال إيجابية فعلية، فلم يعد الغزو الإرهابي للأراضي السورية، والجرائم التي يرتكبها يوميأً بحق المواطنين السوريين يحتمل التأجيل والمساومة، والتهويل الأمريكي للوجود الروسي في منطقة هي الأقرب إلى أوربا، ربما يغيّر أسرع فأسرع مواقف الدول الأوربية حول المسألة السورية باتجاه الحل، أو العكس تماماً باتجاه التصعيد.

كيري أعاد التركيز، في مكالمته الثانية مع الوزير لافروف، على خطورة الوجود الروسي في سورية لمساندة الجيش السوري، فهذا الوجود- حسب اعتقاده- يُعد دعماً لـ(النظام) وللرئيس الأسد، وليس لمواجهة الإرهاب! وجاء الرد الروسي بأن مهمة مكافحة الإرهاب تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره، ولابد من التنسيق مع الحكومة السورية والجيش السوري، وأن موسكو لا ترضى الانضمام إلى تحالف دولي لا ينسّق مع السوريين، ويشكك بشرعية رئيسهم.

ستيفان دي ميتسورا يحضّر لتنفيذ خطته التي اقترحها وعرضها يوم الأحد 13/9/2015 على وزراء الخارجية العرب في القاهرة، رغم علامات الاستفهام السورية على عدد من النقاط، والتي من المتوقع أن يوضحها دي مستورا أو مساعديه للحكومة السورية، ليصدر، بعد ذلك، الموقف الرسمي.والحكومة السورية أعلنت مراراً تمسكها بأي مبادرة سلمية لحل الأزمة السورية، على أن تأخذ بالحسبان مواجهة الغزو الإرهابي، وتوافق السوريين، وهذا ما سمعه المسؤول الإيراني في زيارته الأخيرة إلى سورية.

السوريون الذين تفاءلوا بالجهود السلمية الروسية، وبتفهم أوربي أكبر لأوليات حل الأزمة السورية، وهي مكافحة الإرهاب، وتوافق السوريين على مستقبل سورية الديمقراطي.. العلماني، مازالوا متفائلين رغم التسريبات من هنا وهناك حول مخطط سري يجري العمل عليه بين الولايات المتحدة وحلفائها الفرنسيين والبريطانيين والأتراك لمهاجمة الأراضي السورية، والجيش السوري، في تصعيد يخدم موقعهم التفاوضي في الجهود السلمية الآتية، وسبب تفاؤلهم هذا هو ثقتهم بقدرة سورية وجماهيرها الشعبية على الصمود خلف جيشها الوطني، ودعم أصدقائها لمواجهة امتداد الغزو الإرهابي التكفيري.

صحيح أن السوريين عانوا كثيراً في السنوات الخمس الماضية من عمر أزمتهم، وصحيح أن الجهود الحكومية لم تخفف كثيراً من هذه المعاناة، وصحيح أيضاً أن هجرة أبنائهم إلى الخارج تدمي قلوبهم، وتدلل على تقصير الحكومة في اتخاذ الإجراءات التي تثبّت السوريين في أرضهم، وبين أفراد شعبهم، لكن خطر الغزو الإرهابي بالنسبة إليهم يفوق أي خطر آخر.مازلنا، رغم كل شيء متفائلين، فالجيش السوري الوطني الذي يشكل دعامة وضمانة للشعب السوري في مواجهة الغزو، في الحفاظ على كيان الدولة، أفشل خطط الإرهابيين في فتح ثغرة حول دمشق، وأعاد السيطرة على حقول جزل، ويردع الإرهابيين في حلب وريفها..

لذلك نطالب الحكومة السورية بالتخفيف من قساوة الأوضاع المعيشية والاجتماعية التي يواجهونها، وبتركيز الجهود الحكومية على دعم الفئات الفقيرة والمتوسطة التي تعدّ السند الحقيقي لصمود سورية، واتخاذ الإجراءات المناسبة في المناطق الآمنة لتوفير فرص العمل من خلال دعم القطاعات المنتجة، وزيادة أجور العاملين، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والموقوفين، لتهيئة أجواء تقنع السوريين بوقف هجرتهم، والتمسك بأرضهم.

العدد 1140 - 22/01/2025