في غياهب الأمكنة

في غياهب الأمكنة.. يختنق الصمت ويطول الحديث ، عن همس  يخترق السكون ويولد في العتمة الكثير من الأسئلة والاستفسارات.. تقف الجدران البكماء.. تسد  طريق النور وتعيش في الأحلام المتشردة هنا وهناك.. ألواح  من الإسمنت والحديد وأبواب  تتلصّص على الحكايات.. تصدر صريرها لتوقظ الشوق في الوجود.. تعبر الروايات في مكامنها وتهرب إلى سراديب الحقيقة.. تتحدّث عن حرية الشمس والنجوم.. تروي قصة قمر أتعبه تعقّب الغيوم.. آهات الأجساد النائمة من وهن الأمعاء ومن صخب الصمت ومن ظل الجدران.. يتعقبني ظلي كلما عبرت النفق الجاهل.. يرصدني.. يطارد دقات سكوني ويهزأ من هذا النور… يحكي في العتمة عن الألم.. عن بوح  يستنكره البوح.. عن عشق  تمنعه الجدران من السفر.. عن حب  يكبر في رحم الحرمان.. عن جسد  يبحث عن معبر إلى الوجود وعن ضحية تنام هناك حيث العتمة ملاذاً  آمناً  من الخوف..!! ياعذابات العدالة… رتلي الأقاصيص والصور وارحلي على مراكب الأنين إلى شواطئ الشوق والجنون.. واعذرينا.. اعذرينا إذا أتينا إليك  حاملين معنا الكثير من البكم وصمت السؤال…

في غياهب الأمكنة والسكون يتعذب السراب ويتأوه الصدى على وقع الخيمة وضحك الحبال المشدودة.. تفوح الروائح وتهرب العطور ويحترق شعاع  ولد من أب  لا شرعي..!

هرولي أيتها الآهات وتلاعبي بالهواء المبعثر.. حمّليه الكثير من الصخب لعل النائمين يستيقظون ويرتلون مع صورهم أشعاراً  تمجد خلبيتهم..!

في غياهب الأمكنة.. تتحدث القصص في صمتها وتعربد الكلمات على وقع الأسى. كلما جاءت إلينا تلملم مزيداً  من الحروف المترامية الجراح على هذا الأديم الأبله..! أسطّر الروايات فوق بعضها وأشعل في أجزائها الثلج علها تبرد.. تلك الأبواب المشتعلة في لظى حقدها الأسود.. أسرعوا وأغلقوا الفتحات والمعابر فكلماتي تستعّد للوثوب حاملة معها معاجمها التي ولدت في جحود المكان.. رتلن فاتحة نهايتكن أيتها الأبواب السوداء فإن المطر الآتي سيغسل جوعكِ إلى الحياة ويركلكِ في حفرٍ آسنةٍ لا تعرف إلا التعفن..!!

هنا على حافة السرير.. يفردون القصص من معاقلها.. يوزعون الألم على الجدران.. يندسّ الصمتُ خلسة.. يرتلُ قهقهته على السكون ويسخرُ من نوم أحمق.. يستيقظ  الصباح على الأنين.. يفتح الروايات الفتية.. ويسكبُ على الصفحات.. دموعاً  لا تعرف الفرح.. من أول سعادةٍ على البياض.. إلى أخر حريق في العشق.. الياسمين أضاع عطره.. النسيم فقد هدوءه.. النهار ألبسوه الحداد.. والشمس ما عادت عذراء.. لأن القمر أفشى القصص.. وبات الجمال مذبوحا على قارعة الشرف..؟!

العدد 1140 - 22/01/2025