هل النقابات والاتحادات تلبّي نداء أعضائها؟

 لعلّ فكرة النقابات والاتحادات جاءت من أجل رفع طلبات العمال والمهنيين والفلاحين وغيرهم إلى رب العمل، وذلك من أجل ضمان حقوقهم المشروعة كافة. لذلك من المفترض أن تُسهم تلك النقابات في تلبية متطلبات من تمثلهم بشكل حقيقي وجاد، وذلك ابتداءً من معالجة المشاكل إلى المفاوضة وصولاً إلى الحق المنشود، وبالتالي توقيع عقود عمل جماعية للعاملين في كل منشأة تتضمن الأجور وساعات العمل، كذلك الترقية، وبضمنها تحسين ظروف العمل ووضع شروط خاصة على مستوى الصحة والسلامة المهنية، أيضاً البعد عن ظاهرة التمييز بين العمال إلاّ في مجال الكفاءة، أي بعيداً عن المعتقد أو الانتماء، وذلك من أجل تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأعضاء وحفظ حقوق وكرامة المنتمين إليها.

لكن يبقى السؤال المهم: هل نجحت هذه النقابات في أن تكون صوت من وثق بها لتمثله؟

لعلّ معظم النقابات لعبت دوراً رائداً في النضال من أجل المساواة بين أعضائها في العمل ومن ذلك المساواة بين المرأة والرجل في قوانين العمل وتشريعاتها الأخرى، ولعبت دورها أيضاً ضد تمييز الأقليات العرقية والمعاقين والعمال المسنين، ونخص بالذكر المنظمات الشبابية التي تشارك في النقاشات السياسية العامة، إذ تطرح مواقف مستقلة.

كما تقدم بعض النقابات فعاليات لأعضائها وخدمات معينة، مثل دورات للتأهيل الإضافي والاستشارة القانونية بما فيها استمرار تقاضي الأجور في حال حدوث أضرار، وهي تركز على المتدربين والمبتدئين وذلك من خلال إقامة المنتديات وتزويدهم بمعلومات حول حقوقهم كعمال.

 لذلك لابدّ أن تتمتع النقابات بالاستقلالية خاصة عن الأحزاب، وانتخاب أعضاء النقابة لقيادتها بأنفسهم وعدم تعيينها من الخارج، لكن هذا وحده لا يجعل النقابة ديمقراطية، فلكي تكون النقابة ديمقراطية، يجب أن تتيح لأعضائها فرصة المشاركة في رسم سياستها بشكل فعّال، لأن قوة النقابات الأساسية تكمن في عدد أعضائها، فعدد كبير من الأعضاء لا يعني أساساً مالياً متيناً فقط، وإنما يُضفي شرعية على سياسة النقابة أيضاً، وهو شرط النجاح في نضالها المتعلق بالعمل، لذلك  يعتبر كل عضو نقابة عضواً في فرع النقابة المحلي لمدينته، أي في المنطقة التي يوجد فيها مكان عمله، وحين يكون مطلعاً على الأوضاع القائمة، يستطيع أن ينشط نقابياً هناك. لكن هذا لا يخفي أن هناك تقصيراً من النقابات أحياناً بحق العاملين فيها، وكثيراً من الأحيان تفرض النقابات على المنتسبين إليها شروطاً لا تتوافق مع طبيعة عملها في حمايتهم رغم أنها وجدت لتكون سنداً حقيقياً لمن منحها ثقته.

و لا يخفى على أحد أن بعض النقابات باتت حكراً على بعض الأعضاء لينتخبوا هم بعضهم وينسون أن هناك أعضاء غيرهم في النقابة يحق لهم أن يكونوا في المكان ذاته، وليس فقط لدفع الرسوم والالتزامات الأخرى.. وأحياناً أخرى هناك بعض النقابات مثل نقابة الفنانين لا تؤمّن فرص عمل لكل المنتسبين إليها، في حين نرى بعض الأسماء موجودة في كل الفعاليات، لذلك نأمل أن تكون النقابة لجميع الأعضاء وليست حكراً على أشخاص بعينهم.  

العدد 1140 - 22/01/2025