تعفيش أم خيانة؟

لا شك أن الانتصار في دوما، هو انتصار هام للشعب السوري على الإرهاب المدعوم عالمياً من الدول الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وعربياً من الرجعية العربية التي مولت وقدمت كل ما تستطيع من دعم مالي وعسكري لهذه العصابات التي ارتكبت من الجرائم بحق السوريين ما يندى له الجبين، وما يفضح متاجرة هذه البلدان بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

إلا أن مما يسيء إلى هذا الانتصار العظيم، هو انتشار ظاهرة مشينة ومتناقضة بصورة جذرية مع حقيقة هذه الحرب بصفتها حرباً وطنية بامتياز، إنها ظاهرة التعفيش، التي أصبحت خنجراً في صدر الوطن، لا لأنها قدمت مادة يتاجر بها أعداء سورية وإعلامهم الداعم للإرهابيين، بل لأنها أساساً ظاهرة غير أخلاقية، وتزرع القهر والذل في صدور مواطنين رأوا بأعينهم كيف يُسرَق ما جنته أيديهم طوال عمرهم، بأخسّ الوسائل، دون أن يستطيعوا النطق بأية كلمة.

إن هذه الظاهرة ليست خنجراً معنوياً، بل هي خنجر مادي، إنها بكل بساطة سرقة البيوت التي حرّرها الجيش بدماء أبنائه. إن هؤلاء الذين يقومون بها ما هم إلا عصابات علنية تسرق وتنهب وتنقل وتخزن على مرأى الجميع ومسمعهم.

هناك أسواق غير شرعية في عدد من أحياء دمشق بإشراف هذه العصابات، تبيع هذه المسروقات بوقاحة، تحت مرأى ومسمع أجهزة الدولة، وحتى بتشجيع من بعض الفاسدين فيها. إن هذه المافيات والعصابات وكل من يدعمها أو يتستر عليها أو يبرر لها لا تتمتع بأي قدر لا من الوطنية ولا من الأخلاق، وهي تقدم أكبر الخدمات للإرهابيين ولمن يدعمهم من القوى العدوانية.

إن المعركة الوطنية الكبرى التي يخوضها الشعب السوري اليوم ضد قوى العدوان والإرهاب، تقتضي، أكثر من أي وقت آخر، أن يوضع حدٌّ لكلّ ما يسيء إلى الجيش السوري، وأن يُسَدّ الطريق أمام من يحاول استغلال هذه الظاهرة لحرف الأنظار عن جوهر هذه المعركة ومحتواها.

إن كل ذلك يتطلب اتخاذ مواقف حازمة لمنع تفشي هذه الظاهرة الإجرامية، عن طريق تفعيل القانون الذي ينص على منع سرقة أملاك الآخرين، ومعاقبة من يخرق هذا القانون دون تمييز.

إن تحقيق ذلك، هو مهمة وطنية ومسؤولية أمام الشعب، ولا يمكن تبرير التساهل في التعامل مع هذه الظاهرة غير الأخلاقية والمعيبة والمسيئة للوطن، وللموقف الوطني السوري، وللمعركة التي تخوضها البلاد ضد قوى العدوان والظلام والتكفير.

العدد 1136 - 18/12/2024