شهداء.. شهداء… عيد متجدد دائم

جرت العادة في معظم دول العالم بإقامة الصروح والنصب التذكارية تخليداً لذكرى من قاتل وضحّى دفاعاً عن الأرض والشعب، وذلك بغض النظر عن حجم الهجمات وحجم التضحيات التي تعرضت لها البلاد، فالتضحية تستحق أن تقابل بالتكريم في كل زمان ومكان.

أما نحن في سورية، فكم من نصب تذكاري علينا أن نشيد؟! لعلنا بحاجة إلى نصب بحجم الوطن، ليكون قادراً على تخليد شهدائنا الذين ارتقوا دفاعاً عن ارضنا منذ مئات السنين ضد الاحتلال العثماني، فالفرنسي، فالصهيوني، مروراً بالحركات والقوى الفاشية العدوانية المدعومة إمبريالياً حتى يومنا هذا.

فلم تقف الاعتداءات على بلدنا يوماً، ومع استمرارها استمرت قوافل الشهداء بالتزايد، تأكيداً بما لا شك فيه بأن شعبنا هو شعب أبيّ لا يقبل العبودية ولا الاستعمار، لا يقبل احتلالاً مباشراً أو غير مباشر مدعوم من طرف خارجي معاد، شعب لا يهادن ولا يساوم على الأرض والعرض.

إننا اليوم نقف أمام استحقاق كبير، أمام شهداء لهم حق علينا، إذ لا يصح الاكتفاء بذكرهم يوم عيدهم، أو الاكتفاء بتكريمهم أو إقامة النصب التذكارية، فنحن اليوم بحاجة إلى الانتقال لتكريم حقيقي متكامل، لا تكريم صوري وكلمات رنانة تذكرهم في الخطب والمناسبات الرسمية، ليعودوا وينسوا بعد قليل، وتنسى تضحياتهم الجسام سعياً لغد يعم فيه السلام ويضمن حياة كريمة لأحبتهم.

وإننا في معرض الحديث يجب أن نستذكر دائماً وأبداً شهداءنا الأحياء الذين مازالوا بيننا والذين يستحقون أن نبذل قصارى جهدنا لتعويضهم عما فقدوه، لعلّ ذلك يكون بلسماً لجراح نزفت لنحيا.

لقد قدمت سورية، في سنوات الحرب الدامية، آلاف الشهداء مدنيين وعسكريين، خلفوا وراءهم آلاف الأسر المكلومة، آلاف الأطفال الذين يحتاجون إلى حب ورعاية ودعم، ومن هنا فإن الحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية تقديم كل أشكال الدعم لأسر الشهداء، ولربما نحن اليوم بحاجة إلى وزارة مختصة تتابع هذا الموضوع وتحفظ كرامة من استشهد ومن سيستشهد إلى أن تحط هذه الحرب رحالها.

أما لمن تبقى من الأبطال المقاومين القابضين على الجمر مشاريع الشهادة في أي لحظة تفرضها سلطة النار والبارود، سلطة الحرب وقواعدها، فطمئنوهم قليلاً بإجراءات منصفة لمن استشهد قبلهم، طمئنوهم برعاية واهتمام لأهلهم وذويهم، فخطوات كهذه ستكون كفيلة بشحذ هممهم وعزيمتهم، فهم يودعون لدينا أغلى ما يملكون، فلنكن على قدر تلك المسؤولية!

المجد والخلود لشهدائنا الابطال، ولسوف نبقى على عهدكم وسنصون وصيّة دمائكم ما حيينا!

العدد 1140 - 22/01/2025