تحية لأيار!
يجمع شهر أيار أكثر من مناسبة وطنية وعالمية، ففي الأول منه عيد العمال العالمي، عيد جميع الكادحين والمنتجين بسواعدهم وأدمغتهم في مختلف الميادين.
وقد أحيت الطبقة العاملة السورية في مطلع الشهر الحالي هذا العيد، ويحدوها الأمل بالحفاظ على ما بقي من مكتسباتها وحقوقها، وهي تتطلع إلى زيادة أجورها ورواتبها، بما يتناسب والأوضاع المعيشية الصعبة والغلاء الفاحش والارتفاع المستمر لأسعار المواد الأساسية والضرورية لحياتها، وتطمح كذلك إلى تأمين جبهات عمل وإصلاح وترميم الشركات والمؤسسات التي دمرتها الحرب، وإلى دوران عجلة الحياة فيها بأسرع وقت ممكن.
وشهر أيار بالنسبة للفلاحين هو شهر الحصاد وجني المواسم، وفيه ينسون أتعابهم وشقاءهم خلال العام، وقد لحقت مواسم الفلاحين أضرار كبيرة، في الفترة الماضية، نتيجة البرد والسيول والفيضانات في بعض المناطق، كما حصل مع مزارعي الخضار والفواكه والتبغ في الساحل، وقد تكون الخسائر المادية كبيرة جداً، نأمل من وزارة الزراعة أن تعوض لهؤلاء الفلاحين على نحو عادل وعاجل، وتقديم كل الدعم لإنتاجنا الوطني الزراعي عموماً.
وهو أيضاً شهر الحصاد الدراسي بالنسبة لتلاميذ المدارس وطلابها، وفيه يحصدون ما زرعوا خلال العام، وهو شهر العطاء الدراسي بالنسبة لطلاب الشهادات، وفيه يسهر طالبو العلا والطامحون إلى النجاح والمجد.
وفي شهر أيار الكثير من المناسبات الوطنية والأحداث التاريخية الهامة، التي نستذكرها ونستلهم العبر والدروس منها، وهي ماثلة في أذهاننا وستبقى للأجيال القادمة على مر العصور، مثل عيد الشهداء.. هذه المناسبة الوطنية الهامة التي يُحتفل بها في سورية ولبنان تخليداً لذكرى شهداء الاستقلال العربي الذين أعدمهم السفاح جمال باشا في السادس من أيار عام 1916 في ساحة المرجة بدمشق وساحة البرج ببيروت.. ويستذكرهم أبناء شعبنا بكل فخر واعتزاز، ويستذكر أيضاً تضحيات أولئك الأبطال الذين قدموا أرواحهم على مذبح الوطن من أجل الاستقلال والحرية.
وفيه ذكرى التاسع من أيار، ذكرى عيد النصر على النازية الهتلرية، ففي مثل هذا اليوم من عام 1945 وقّعت ألمانيا النازية وثيقة استسلامها في الحرب العالمية الثانية أمام القوات السوفييتية آنذاك، إذ كانت في حالة حرب مع 54 بلداً سببت فيها الخراب والدمار والموت إلى معظم دول العالم.
وفي الخامس عشر من أيار تحل ذكرى النكبة، وما يزال الشعب الفلسطيني يناضل لاسترجاع وطنه وحقوقه المشروعة.
وفي التاسع والعشرين منه عام 1945 كان العدوان الفرنسي الشهير على دمشق، وكانت حادثة البرلمان السوري الشهيرة، عندما أطلق الجنود الفرنسيون الرصاص على حامية البرلمان من الدرك السوري، بعد أن رفضوا تحية العلم الفرنسي، وتصدَّوْا للجنود الفرنسيين، لكن الفرنسيين هجموا على المجلس النيابي ودخلوه عنوة وقتلوا جميع أفراد الحرس، وكانت مجزرة وحشية بشعة استولوا بعدها على بناء المجلس النيابي.. لقد وقف شهداء البرلمان في ذلك اليوم وقفة عز وبذلوا أرواحهم فداء للوطن.
بقي أن نذكر أن شهر أيار أيضاً شهد مناسبة هامة نفتخر ونعتز بها، وهي عودة (النور) إلى الصدور، وذلك في الثالث عشر منه عام ،2001 بعد غياب دام لعدة عقود، وكلنا أمل أن تتمكن مجدداً من زيادة عدد صفحاتها، واستعادة صدورها ورقياً أسبوعياً، رغم قسوة الظروف… فتحية إلى (النور) وهي تشعل شمعتها الثامنة عشرة، وكل التحية للمشتركين فيها ولقرائها ومتابعيها الأكارم.
تحية لشهداء البرلمان ولشهداء أيار وشهداء الوطن، تحية لليد التي تبني واليد التي تزرع.. تحية لأيار ولكل مناسباته وأعياده وأمجاده.