مغادروه نائمون والقادمون قلّة..مطار دمشق الدولي.. فوضى عارمة وغياب للرقابة

 مطار دمشق الدولي، ما إن يسمع المرء هذا الاسم إلا ويتخيل منظراً لأناس راحلين وآخرين قادمين، ومن لم يزره يوماً ولا يعرفه سوى في الصور يعتقد أن هذا المبنى الضخم من الخارج إنما هو انعكاس للفخامة بداخله، وانعكاس للمعاملة الحسنة من قبل العاملين، ولكن ما إن يصل إليه يوماً إلا وتختلف الرؤية تماماً ويصحو من خيالاته الواسعة.

البناء من الخارج لم يتغير، ظلّ محافظاً على فخامته، تزينه عبارة مطار دمشق الدولي التي اقشعرّ بدن كل من سمعها فرحاً بلقاء غائب، أو حزناً لفراق حاضر، ولكن عند الدخول إلى المبنى نجد أن كل شيء قد تغير، وبحسب وصف أحد المسافرين:(يستقبلك موظف على الباب لتفتيش الحقائب، ما إن يسأل عن محتويات الحقيبة إلا وتشعر كأنك في فرع أمني للتفتيش، أو أنك تسعى للدخول إلى منطقة عسكرية أو محظورة، اللهجة قاسية والمعاملة سيئة تدفع المهاجر للقول: الحمد لله، لأني من المغادرين)!

بعد اجتياز هذا الموظف يجد المسافر نفسه أمام طريقين: (المغادرون)، و(القادمون)، فالمغادرون مجتمعين يشكّلون لوحة فنية لخان يعود لعشرات العقود، فهنا أناس يجلسون على الكراسي محدودة العدد، والآخرون ممددون على الأرض، وفي المقلب الآخر أشخاص وصلوا قبل موعد انطلاق طائرتهم بفترة طويلة، فغلب عليهم النعاس واتخذوا من أرض المطار فراشاً لهم، أما من لم يبق له مكان يجلس أو ينام فيبقى مثل مكّوك الحائك يتجول في حرم المطار).

إبراهيم (مغادر، يبلغ من العمر 44 عاماً)، قال: (آخر زيارة قمت بها للمطار كانت منذ 7 سنوات تقريباً، ولكن عندما زرته اليوم مغادراً لم أتوقع أن أجد هذا المنظر، فليس من المعقول أن يتحول المطار إلى فندق للإقامة، أو مستودع للبضائع المكرتنة والمعدة للتصدير)، مضيفاً: (هناك غياب واضح لعناصر أمن المطار أو المعنيين عن هذا الشأن، فبدلاً من التطوير وإعادة التأهيل، حال المطار يسير إلى الأسوأ).

وقالت رهام (شابة مغادرة):(للوهلة الأولى شعرت نفسي في خان مطار دمشق الدولي، أو أنني مخطئة في المدخل الذي دخلت منه، فهذا أمز مخزٍ، أناس نائمون وآخرون مدخنون وهناك من يشرب القهوة ويضع الفوارغ في زوايا المطار، لغياب سلل المهملات)، واصفة المشهد بأنه (فوضى خلاقة، فالمطار يحتاج إلى إعادة تأهيل، فهو آخر صورة عن سورية في أعين المغادرين).

أما قسم القادمين، فهو خاوٍ على عروشه، وكأنه أشبه بصحراء قاحلة، لا قادمون ولا منتظرون، المكان بارد جداً ليس فقط في درجات الحرارة المتدنية لغياب وسائل التدفئة فحسب، بل في حركة القادمين إلى البلاد، فبالمقارنة مع مئات المغادرين خارج القطر يأتي إليها العشرات فقط، وغالبيتهم من المحافظات الداخلية.

اهتمام الحكومة انصبّ في الآونة الأخيرة على البنى التحتية في مناطق لا تحتاج إلى تأهيل، وعلى العكس تماماً فهي تحوي أناساً مهجّرين، تأويهم من ويلات الحرب، كما في منطقة الرازي التي رأت الحكومة اليوم أن تبدأ بهدمها وإعادة إعمارها وفقاً لمخطط تنظيمي، وأيضاً مشاريع هنا وهناك وتدشين منشآت جديدة وتقصير في حق القديمة التي هي بحاجة إلى تأهيل، فتقصير الحكومة بحق المطار معترف به من قبلها ولكن في الجانب الذي يخص الجو وشركات الطيران فقط، دون النظر إلى الأرض وما تعانيه.

العدد 1140 - 22/01/2025