هل مصير التقرير التفتيشي الجديد كغيره؟…عمليات سرقة وتلاعب بآلية توزيع المحروقات بطرطوس!!

كثيرة هي القصص التي تحدثت خلال سنوات الأزمة عن أزمة الوقود في طرطوس، وخاصة المتعلقة بمادة المازوت، ولن نبوح بسرّ إن قلنا بأن المحافظة شهدت اختناقات عديدة وسمسرة وتجارة وسوقاً سوداء، وكان لسان حال المواطن يقول: من أين يأتي المازوت ياترى؟!. وكيف أثرى البعض في فترة زمنية قصيرة؟!

بعد صدور التقرير التفتيشي رقم 22/1/10 تاريخ 3/1/2016 حول نتائج تحقيق بالمخالفات المرتكبة بخصوص توزيع المحروقات في محافظة طرطوس، والتي تضمنت حسب التقرير وجود تلاعب بآلية توزيع المحروقات وابتزاز أصحاب المحطات من قبل لجنة توزيع المحروقات في المحافظة من خلال:

– قيام اللجنة بتوزيع مخصصات المازوت على أصحاب المحطات وفقاً لعدد الطلبات المستجرّة من قبل المحطة وليس وفقاً للكمية، فقد حُدد كل طلب بكمية  20  ألف ليتر وقررت اللجنة اعتبار كل زيادة في الكمية المستجرة من قبل المحطة عن   10000  ليتر شهرياً هو بمثابة طلب، مع الحسم لكمية الزيادة في الشهر التالي، ولكن ما ثبت من خلال التقصي والتفتيش هو عدم حسم اللجنة للزيادة المشار إليها من مخصصات المحطة للشهر التالي، فضلاً عن تفاوت كمية الطلب الواحد بين  17000 – 24000 ليتر حسب سعة الصهريج الناقل، ومخالفة توجيه وزير النفط والثروة المعدنية المتعلق بضرورة العدالة في التوزيع بين المحطات. وقد حدد التقرير مسؤولية هذا على كل من (عضو المكتب التنفيذي  (س. ع)، ومدير محطة سادكوب بطرطوس (ا. ا)، وعضو مجلس محافظة طرطوس (ع. ح)، إضافة  إلى مدير فرع التجارة الداخلية وحماية المستهلك (ع. ا).

– وجود تلاعب في تسجيل طلبات المازوت المستجرّة من قبل المحطات، وذلك لإخفاء حقيقة الاستجرار ومنح المحطة طلبات أكثر في الشهر التالي  من خلال تسجيل طلبات مستجرّة لها أقل من الطلبات المنفّذة فعلياً، في الوقت الذي يتم فيه تسجيل طلبات لمحطة أخرى أكثر من الطلبات المستجرّة فعلياً من قبلها، الأمر الذي يدل على فساد إداري يتحمل مسؤوليته رئيس الدائرة التجارية في فرع محروقات طرطوس (س. ع).

– عدم العدالة في تنفيذ مضمون كتاب شركة محروقات المؤرخ بتاريخ 9/3/2014 والقاضي بتخفيض عدد طلبات المازوت للمحطات، فقد جرى اعتبار الطلبات المنفّذة آنذاك من قبل المحطة هي المخصص الفعلي لها، مع الإشارة  إلى تأخير مضمون هذا الكتاب نحو شهر لإفساح المجال أمام بعض المحطات للمسارعة باستجرار كامل مخصصاتها.

– تم تخصيص طلبات المازوت لمحطتي القدموس دون دراسة حاجة شركة نقليات القدموس للمادة، خلافاً لتوجيه السيد وزير النفط والثروة المعدنية بهذا الصدد حيث تم تخصيص طلب يومي لمحطة مهران وطلبين لمحطة خوندة، قبل تقديم الشركة المذكورة جدولاً بعدد آلياتها ودون موافقة السيد الوزير على ذلك، وهذا ما يتحمل مسؤوليته مدير فرع محروقات طرطوس (ا. ا).

– من خلال التدقيق بصحة عملية التوزيع المباشر (الخاص) لمادة المازوت بالصهريج رقم  012741 الذي يقوم بتزويد الصهاريج التي تنقل مادة الفيول  إلى كل المحافظات بالمازوت، وبالمقارنة بين جداول التوزيع الخاصة بالصهريج المذكور تبين تهريب كمية  3000 ليتر مازوت، وفي الوقت نفسه لم تجد البعثة أرقاماً لـ  49  صهريجاً زوّدها الصهريج المذكور بنحو  10488  ليتر من المازوت ضمن جداول مصفاة بانياس.

– وجود كتاب من إحدى الجهات الأمنية يقضي بإغلاق محطة الرحمن الواقعة على طريق حمص طرطوس وعدم تزويد مالكها بأية مشتقات نفطية لمدة شهرين نظراً لبيع المازوت بالسوق السوداء إلا أن ذلك لم يحدث، بل حصل المالك على كامل مخصصاته في محطاته الأخرى.

– تم تخفيض مخصصات طرطوس من المحروقات خلال شهري 11-12  من عام 2014 إلا أنه تبين أن هناك محطات زودت بطلب واحد شهرياً ومحطات حصلت على  11 – 16  طلباً خلال تلك الفترة.

– بالمقارنة بين ما جرى بيعه في محطة سادكوب خلال شهر تشرين الثاني للعام 2014 بموجب الفواتير من جهة، وبموجب الوثائق من جهة أخرى، تبين أن ما بيع بموجب الوثائق بلغ  562191 ليتراً وأن ما بيع بموجب الفواتير بلغ  1460879  ليتراً، أي أن نحو  898688 ليتراً قد بيعت في السوق السوداء أو لجهات غير معروفة، ويقدر ثمن هذه الكمية بنحو 126 مليون ليرة إذا حسبنا الفارق بين سعره المدعوم 80 ليرة والسعر الحر 220 ليرة، وهذا ما يتحمل مسؤوليته مدير المحطة (ف. ج) إضافة إلى من تقدّم ذكرهم سابقاً.

إضافة  إلى إضراب أصحاب السرافيس في المحافظة بسبب عدم العدالة في توزيع مادة المازوت في محطة سادكوب ووجود سرقات للمادة في المحطة المذكورة بكمية تقريبية تبلغ  234100 ليتر، ووجود سرقة للمازوت في محطة اتحاد الفلاحين بطرطوس بلغت نتيجة الجرد نحو  8268  ليتر فقد أوضح التقرير مايلي:

– نتيجة تدقيق سجلات المحطة المذكورة من تاريخ 1/11/2014 ولغاية 15/12/2014 إضافة  إلى تدقيق سجلات المحطة المذكورة من 14/12/2014 ولغاية 27/2/2015 لوحظ بيع كمية  92154 ليتر دون تسجيلها ودون وجود أية وثيقة تبين الجهة المستجرة.

– تسجيل كمية  3872 ليتر مازوت على أساس أنها مصروف سيارة الخدمة خلال شهر واحد وهذا غير منطقي.

– جرى تسجيل كمية  12000 ليتر على أساس أنه جرى تزويد شاحنات الخضار والفواكه بها خلال أيام تصادف يوم أربعاء، وفي هذا اليوم لا يجري تحميل خضار وفواكه لعدم وجود سوق خضار وفواكه يوم الخميس، وتقع مسؤولية هذا على عاتق مدير المحطة (ز. ر) وعضو لجنة التوزيع بالمحطة (ع. ط) وعضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفلاحين (غ. م) وارتأت البعثة تغريمهم بمبلغ 6,8 ملايين ل. س ثمناً لهذه الكمية.

يخلص التقرير  إلى الطلب بتحريك الدعوى العامة بحق (س-ع) عضو المكتب التنفيذي المختص لقطاع النفط، و(أ – أ) مدير محروقات طرطوس، و(ع – ص) رئيس قسم التشغيل والصيانة في سادكوب بانياس، و(أ. م) محاسب الصهريج رقم 012741 الخاص بتوزيع المحروقات للصهاريج، إضافة  إلى (ع – ح) عضو مجلس محافظة طرطوس المشرف على التوزيع في محطة سادكوب، و(ف – ج) مدير محطة سادكوب السابق، و(ز – ر) مدير محطة اتحاد الفلاحين، و(ع – ط) عضو لجنة الإشراف في محطة الفلاحين، و(غ – م) عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفلاحين بطرطوس. ودعوة وزارة المالية  إلى إلقاء الحجز الاحتياطي عليهم لتحصيل المبالغ كلٍ حسب مسؤوليته عمّا حدث.

ودعوة وزير النفط والثروة المعدنية لإعفاء مدير فرع محروقات طرطوس ورئيس قسم التشغيل في بانياس ومدير محطة سادكوب السابق من مهامهم وصرفهم من الخدمة، ودعوة محافظ طرطوس للإيعاز بإعداد دراسة لآليات شركة القدموس بغية تقدير الحاجة الفعلية لها من المحروقات، والالتزام بمخصصات المحافظة وتوزيعها بشكل عادل والتأكيد على اتخاذ ما يلزم لإعفاء مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والعمل لإلغاء عضوية (ع – ح) من عضوية مجلس المحافظة.

ودعوة مدير عام الجمارك لتنظيم ملف جمركي بحكم التهريب لبضاعة مدعومة لكمية 1013285 ليتراً من المازوت بحق المشار إليهم في التقرير. ودعوة رئيس الاتحاد العام للفلاحين لطرد مدير محطة الفلاحين في طرطوس من عمله كمدير للمحطة بعد إحالته  إلى لجنة التأديب، وإنهاء إعارة (ع – ط) من الاتحاد، وإنهاء تفرغ (غ – م) عضو المكتب التنفيذي في طرطوس.

أخيراً: مانتمناه ألا يمر هذا التقرير التفتيشي كما مرت التقارير التي سبقته في أكثر من قصّة فساد وسرقة وتلاعب واختلاس للمال العام في طرطوس، وأن يلحظ المواطن الجزاء العادل والقصاص لكل من تطاول على المال العام وعلى هيبة القانون واستهان بحقوق المواطنين.

العدد 1136 - 18/12/2024