ليس همّاً واحداً!

أجل أيتها الحكومة الموقرة، لقد أصبح سعر كيلو غرام البطاطا أكثر من 400 ل.س، ومن المعلوم أنها كانت على امتداد السنوات الطوال تشكل عماداً أساسياً مع الفول والحمّص غذاء رئيسياً للشعب السوري الكادح.. ولا ندري من هو المسؤول عن ذلك، وهل جرى ذلك بعلم الحكومة أم لا.. وهكذا أضيفت إلى معاناة الشعب السوري معاناة جديدة طالت حياته المعذبة.. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فالله سبحانه وتعالى قد منّ على الأرض السورية الطيبة بتربة خصبة قابله لنمو الكثير من الأعشاب المفيدة، التي كانت تشكل جزءاً من السلسلة الغذائية له، والآن وبقدرة قادر أصبحت أسعار هذه المواد ينوء المواطن العادي بثقلها، ولن نتكلم إلى الآن عن أسعار المواد الأخرى مثل الأجبان والألبان واللحوم، لقد حذفها المواطن العادي منذ زمن بعيد من قاموس غذائه..

أما إذا تكلمنا عن المادة الأساسية التي لا غنى لأي مواطن سوري عنها، وهي مادة الخبز، فقد أصبح الحصول عليها من العمليات الشاقة، فالأفران مزدحمة دائماً، ولا يستطيع أي مواطن الحصول على هذه المادة إلا بعد أن ينال من الدفش والركل ما لذ وطاب.. وأمام كل فرن يتجمع العديد من الأولاد، لا هم لهم سوى (المطاحشة) من أجل الحصول على عدة ربطات من الخبز لبيعها بأسعار مضاعفة لمن هو مستعد لذلك، ولا يريد أن يخوض مغامرة الوقوف على أبواب الأفران.. وعوضاً عن أن يكون هؤلاء الأولاد في المدارس، مع أقرانهم، فإنهم يتثقفون على تقبل وشرعنة العمل الطفيلي. أما إذا انتقلنا إلى المازوت المخصص  للتدفئة، فإن القلة هي التي تستطيع الحصول على المخصصات من هذه المادة بالأسعار التي قررتها الحكومة.. إن المواطن العادي غير قادر دون (واسطة) كما يقولون للحصول عليها، أما من يريد أن يحصل على المازوت من أكشاك التهريب، فإنه يحصل عليها بصورة حرة ولكن بأسعار مضاعفة، ويتساءل المواطن من أين حصل هؤلاء المهربون على هذه المادة، وينطبق هذا الأمر على مادة البنزين التي لا يستطيع المواطن الحصول عليها بالسعر المحدد لها من الحكومة..

وننتقل إلى النقل، حيث لا يوجد سائق يسير على التسعيرة المحددة من قبل الدولة، ولقد أصبحت تكاليف النقل بين المحافظات فاحشة لا يستطيع المواطن تحملها أيضاً.

وعوضاً عن أن تهتم الحكومة بدعم الزراعة التي تشكل أساس الأمن الغذائي وأساس استقلال القرار، تُقْدِم على رفع أسعار العديد من مستلزمات الإنتاج الزراعي وآخرها السماد والنخالة التي تستخدم علفاً لثروة الحيوانية.. ويقوم المسؤولون الحكوميون بزيارات للمناطق ويطلقون الوعود بتحقيق المطالب الشعبية التي لا ينفذ منها إلا القليل القليل، ثم تقام لهم الموائد بعد ذلك.

إن المواطن لا يشعر بوجود الدولة إلا من خلال الضرائب المباشرة التي تفرض عليه وهي بازدياد مستمر، وهنا يمكن ذكر الحادثة التالية حول فواتير الكهرباء.. أحد المواطنين يستلم فاتورة بمبلغ 40 ألف ليرة سورية لقاء استهلاكه للكهرباء، في وقت لم يكن موجوداً في منزله طوال أشهر عديدة، في الوقت الذي فُرض عليه تسوية من قبل البعض.

أيتها الحكومة الموقرة!

لقد أصبحت معاناة الشعب كبيرة وكبيرة جداً، وهو يعلم أن جزءاً ليس باليسير من معاناته ناتج عن الإرهاب والإرهابيين ومن يقف خلفهما، وهو من صنع الحصار الظالم أيضاً الذي أطبق على البلاد من قبل الدول الداعمة للإرهاب، إلا أن جزءاً آخر من معاناة الشعب يعود إلى الحكومات المتعاقبة ومن ضمنها الحكومة الحالية، التي لم تأخذ إلى الآن المواقف التي يجيب أن تتخذها من أجل الحد من هذه المعاناة..

لقد آن الأوان ومنذ زمن طويل أن ينصب الاهتمام وبصورة جدية على تخفيف معاناة الشعب، صانع الحياة، وصانع الانتصار، في هذه الحرب العدوانية التي تشن على سورية.

العدد 1136 - 18/12/2024