الرئيس الأسد لوكالة الصحافة الفرنسية: على فرنسا أن تغير سياساتها الخاطئة تجاه سورية

 أدلى السيد الرئيس بشار الأسد بمقابلة لوكالة الصحافة الفرنسية حول التطورات في سورية والمنطقة، وفيما يلي أبرز ما ورد فيها:

  أي مظهر فيه معاناة هو مظهر مؤلم بالنسبة لنا كسوريين جميعاً.. لكن بالنسبة لي كمسؤول، لا يكون السؤال ما هو الشعور، وإنما يكون ما الذي ستفعله كمسؤول أمام شعبك؟

عندما يكون السبب هو الإرهابيين وليس القصف الروسي كما يدّعي الإعلام الغربي اليوم.. وعندما يكون أحد أسباب الهجرة هو الحصار الغربي على الشعب السوري الذي أصبح عمره خمس سنوات تقريباً.. من الطبيعي أن تكون مهمّتي الأولى ومهمّة أي مسؤول في سورية، في هذه الدولة، هي أولاً مكافحة الإرهاب بالإمكانات السورية بشكل أساسي، إضافة إلى طلب دعم الأصدقاء من أجل محاربة الإرهاب.

المعركة الآن في حلب ليست معركة استعادة حلب لأننا كدولة موجودون فيها، ولكن المعركة الأساسية هي قطع الطريق بين حلب وتركيا…  فتركيا هي الطريق الأساسي للإمداد الآن بالنسبة للإرهابيين.. المعركة الآن بنفس الوقت على أكثر من عشر جبهات، من الشمال إلى الجنوب إلى الشرق، في أقصى الشرق أيضاً وفي الغرب في اللاذقية؛ وكانت في حمص وانتهت الآن. فإذاً كل المراحل تسير بالتوازي.

وسواء كان لدينا استطاعة أو لم يكن، فهذا هدف سنعمل عليه من دون تردّد. من غير المنطقي أن نقول أن هناك جزءاً سنتخلّى عنه. الجدول الزمني يرتبط بحالتين: لو افترضنا بأن المشكلة هي فقط سوريّة.. أي أن سورية معزولة عما حولها.. ففي أقل من عام نستطيع أن ننهي المشكلة عبر محورين.. مكافحة الإرهاب، والعمل السياسي. أما الحالة الأخرى وهي الحالة الحالية المتمثلة في الإمداد المستمر للإرهابيين عبر تركيا، وعبر الأردن.. والبعض منهم أيضاً يأتي طبعاً عبر العراق، لأن داعش موجودة في العراق بدعم سعودي – تركي – قطري، هذا يعني بشكل بديهي أن يكون زمن الحل طويلاً، والثمن كبيراً، وبالتالي من الصعب إعطاء جواب دقيق عن الزمن.

وفيما يتعلق بالمعارضة قال السيد الرئيس:

لا أعتقد بأن تسمية المعارضة لديكم في فرنسا، أو في أي مكان من العالم، يمكن أن تطلق على شخص يحمل سلاحاً.. المعارضة هي سياسية، وبالتالي إذا افترضنا بأنكم تقصدون (إرهابيون معتدلون)، فهذا مصطلح آخر.. وتقصد بهذا أنهم لا ينتمون لداعش أو النصرة أو لهذه المجموعات المتشددة. أوباما قال بأن المعارضة المعتدلة وهم. أيضاً بايدن قال هذا الكلام. ولكن الأهم هو الواقع الذي يقول بأن هذه المعارضة غير موجودة فعلياً. معظم المسلحين ينتمون إلى المجموعات المتشددة، داعش والنصرة وأحرار الشام وغيرها. لذلك جوابي هو أن كل إرهابي هو عدو. نحن نحترم كل معارضة سياسية.. ولدينا معارضة سياسية موجودة داخل سورية ويتبنّون مواقف قاسية ضد الدولة ونحن لا نهاجمها.

من الناحية القانونية لا يوجد فرق. من يحمل السلاح فالدولة ستواجهه. لن تسأله ما هي الأيديولوجيا التي يحملها، لكن الفرق هو أن المجموعات المتشددة ترفض الحوار مع الدولة. يعتقدون بأنهم سيقاتلون فيموتون ويذهبون إلى الجنة، هذه هي عقيدتهم. أما المجموعات الأخرى غير الأيديولوجية، فمعظمهم غرّر بهم، وتحاوروا مع الدولة فيما بعد، البعض منهم ألقى السلاح، والبعض منهم يقاتل مع الجيش اليوم، ونقدّم لهم العفو مقابل التخلي عن السلاح.

أساساً لم يكن مفترضاً إجراء مفاوضات مباشرة في جنيف،3 وإنما عبر ديمستورا. وهنا يجب أن نكون دقيقين، فنحن لا نتفاوض مع سوريين، بل مع ممثلين للسعودية وفرنسا وبريطانيا وغيرهم، ولذلك إن كنت تقصد حواراً سورياً – سورياً، فبالطبع لا، الحوار مع هؤلاء ليس حواراً سورياً – سورياً على الإطلاق، الحوار السوري هو مع مجموعات سورية لديها قواعد في سورية كالمعارضة السياسية في سورية مثلاً.. أما أي شخصية نحاورها وهي تسمي نفسها معارضة لكنها تنتمي لدولة خارجية أو مخابرات أجنبية، فهي لا تمثل السوريين في الحوار ولا نعتبرها سورية بكل بساطة.

 هناك جزء من الداخل.. وهناك جزء يعيش في الخارج ولكن يعمل بالسياسة ولديه مؤيدون في سورية.. ولكن أنا لا أتحدث فقط عن الإرهابيين.. أتحدث عن شخص تم تشكيله في دولة أجنبية ويعمل لأجل دولة أجنبية..

وعن احتمالات التدخل التركي أو السعودي في سورية عسكرياً، قال السيد الرئيس:

أردوغان شخص متعصب، يميل للإخوان المسلمين.. ويعيش الحلم العثماني.. بالنسبة له الانهيارات التي حصلت في تونس وليبيا ومصر وسورية هي انهيارات شخصية له. وهذا يهدد مستقبله السياسي أولاً، وتطلّعاته الإسلامية المتعصّبة من جانب آخر، فهو يعتقد بأنه حامل لرسالة إسلامية في منطقتنا.. نفس الشيء بالنسبة للسعودية.. انهيارات الإرهابيين في سورية هي انهيار لسياستهم.. أقول لكم، إن مثل هذه العملية لن تكون سهلة بالنسبة لهم بكل تأكيد وبكل تأكيد سنواجهها.

هذا السؤال متعلق مباشرة بالدستور السوري، وكما تعرف هذا الدستور لا يُعطى من قبل الحكومة. وإنما تشارك فيه كل الأطياف ويُطرح على الاستفتاء الشعبي، لذلك هذا السؤال يجب أن يكون سؤالاً وطنياً وليس سؤالاً موجهاً لأي مسؤول سوري، سواء كان هذا الموضوع متعلقاً بحكم ذاتي أو فيدرالية، لا مركزية أو أي شيء مشابه. هذه الأشياء تكون كلها جزءاً من الحوار السياسي بالمستقبل، ولكن أريد أن أؤكد أن الأكراد هم مجموعة وطنية من سورية.

وجود قواعد عسكرية لأي دولة في سورية لا يعني أنها تصبح تابعة لهم سياسياً، هم لا يتدخلون في قضايا الدستور ولا القانون ولا العمل السياسي. بالنسبة للقواعد، القاعدة الروسية موجودة، أما الإيرانيون فلم يطلبوا، ولكن لا يوجد لدينا مشكلة بالمبدأ.

لم نراهن في يوم من الأيام على أي رئيس أمريكي، نراهن دائماً على السياسات. وهذه السياسات، لا تخضع فقط للرئيس وإنما تخضع للمؤسسة ككل، وللوبيات الموجودة في الولايات المتحدة.. وإذا نظرت إلى المنافسة بين الكثير من المرشّحين، الآن أو في السابق، هي حول من هو الأكثر توجهاً نحو إشعال الحروب، وهذا لا يبشّر بالخير. المشكلة مع السياسيين الأمريكيين هي أنهم يقولون شيئاً ويفعلون العكس، قبل الانتخابات وبعد الانتخابات.

أما عن موقف فرنسا فقال السيد الرئيس:

تبدُّل الأشخاص ليس مهماً إلى حد كبير، وإنما المهم هو تبدّل السياسات.. الإدارة الفرنسية تغيّرت بشكل كامل تقريباً بين إدارة ساركوزي وإدارة هولاند، ولكن بالنسبة لنا السياسات لم تتغيّر.. استمرت هذه السياسات، سياسات تخريبية في المنطقة وتدعم الإرهاب بشكل مباشر، لذلك علينا أن لا نفترض بأن وزير الخارجية هو الذي يصنع السياسات وإنما كل الدولة وفي مقدمتها رئيس الجمهورية. أما بالنسبة لما يمكن أن نقوم به في سورية، فلا أعتقد أن على سورية أن تقوم بشيء باتجاه فرنسا وإنما فرنسا هي التي يتوجّب عليها أن تقوم بشيء تجاه مكافحة الإرهاب. حتى هذه اللحظة هي داعمة للإرهابيين ولو سياسياً، وفي بعض الحالات كانت تدعمهم عسكرياً. من واجب فرنسا الآن أن تقوم بسياسات معاكسة أو تغيّر سياساتها من أجل مكافحة الإرهاب، خاصة بعد أن دفع المئات من الفرنسيين حياتهم ثمناً لهذه السياسات الخاطئة.

العدد 1136 - 18/12/2024