الاتفاق الروسي الأمريكي.. مشاكسات أطفال.. تقاعس واتهامات

المجموعات المسلحة تخرق الهدنة، روسيا تؤكد أن الحكومة السورية التزمت بالاتفاق، وواشنطن تشكك بالتزام الجيش السوري بتنفيذ بنوده، أخبار تدوالتها الصحافة العالمية ووسائل الإعلام على مدى أيام من إعلان البدء بتنفيذ بنود الاتفاق الروسي الأمريكي حول سورية، لكن إذا ما قسناها على الواقع الطفولي البسيط، نجد أنها أشبه ما تكون بمشاكسات تلاميذ المرحلة الابتدائية الذين يشتكون لمدرّسهم من تصرفات زملائهم، ففلان سرق لي ممحاتي والآخر سلبني قلمي، وهذا ما يؤكد نظرية الشعب السوري حول هذه الاتفاقات بأنها لعبة أممية لإطالة أمد الحرب في بلدهم، من أجل تحقيق مكاسب لكل دولة على حساب الشعب السوري وعيشه الكريم.

الإعلان عن الاتفاق بين القوتين العظميين، رافقته مطالبة روسية بالإفصاح عن بنوده، ولكن أمريكا رفضت الطلب الروسي، مشددة على ضرورة الإبقاء على بنود الاتفاق سرية، وهذا ما يفسر بأن واشنطن لا ترغب بالإعلان عن البنود كي لا تكشف نفسها للعالم بأنها هي من يتقاعس عن التنفيذ.

التقاعس الأمريكي عن تنفيذ بنود الاتفاق بات واضحاً للعالم، وبشكل خاص فيما يتعلق بفصل من تسميهم الإدارة الأمريكية المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين، فغرفة العمليات المشتركة بين القوتين العظميين التي نص عليها الاتفاق لتنسيق الضربات التي تستهدف الإرهابيين باتت بحكم المنكفئة عن العمل، بانتظار خطوة أمريكية جريئة بتحديد أهداف الإرهابيين.

التأخير الأمريكي في اتخاذ قرار فصل المعارضة، يثير مخاوف الطرف الروسي، بأن تنتهي هذه المماطلة باستثناء تنظيم جبهة النصرة الإرهابي من الضربات الجوية، خاصة بعد أن تخلص من عباءة القاعدة، وبات حراً، كما تتخوف أيضاً من أن يجري شطبه من قائمة الأمم المتحدة السوداء التي تضم التنظيمات الإرهابية، فهذا التنظيم معروف بولائه للإدارة الأمريكية التي صنعته منذ البداية، وتحركه كما تشاء، حاله حال ما يسمى قوات سورية الديمقراطية وغيرها من المجموعات التابعة.

الإدارة الأمريكية مازالت تضع عصيّها في عجلات الحل السوري، من خلال اتهام الحكومة السورية بعدم تنفيذ الاتفاق، رغم أن الوقائع على الأرض والتصريحات الروسية تؤكد عكس ذلك، فالجيش السوري كان المبادر بسحب قواته من منطقة الراموسة، وتسليم تنقطة التفتيش للهلال الأحمر من أجل تفتيش شاحنات المساعدات، ولكن المعارضة السورية لم تلتزم بذلك، بل حضّرت لهجوم على النقاط التي تراجع عنها الجيش، ولكن علم القيادة السورية المسبق بهذه التحضيرات أفشل مخطط الإرهابيين.

الإصرار الأمريكي على عدم تفتيش قوافل المساعدات (الإنسانية)، القادمة من تركيا، يثير الشكوك حول ماهية المساعدات، خبراء يرون أن ما تخفيه القوافل أكبر من أنه مساعدات، فالضغط الذي أحرزه الجيش السوري في المنطقة الشمالية وإغلاقه كل الطرق بوجه المسلحين، أبقى على قيادات أجنبية في المنطقة، وهو ما تسعى أمريكا من خلال المساعدات إلى إخراج من تبقى منهم داخل الأراضي السورية.

متابعون أكدوا أن الاتفاق الأخير حول سورية ينهي الأزمة إذا ما طبق كما هو، وهذا ما تفسره المطالبات بكشف بنوده، فبحسب المتابعين فإن هذا الاتفاق يمكن أن يكون مرجعاً لحل أزمات لاحقة في المنطقة، بينما يرى آخرون أن أمريكا تهدف من إضاعة الوقت، إلى ترحيل الملف السوري إلى الإدارة القادمة، والالتفات إلى حل المشكلات الداخلية.

العدد 1140 - 22/01/2025