خدعة كبرى!
تعرضت فئات كردية سورية لخديعة كبرى من الولايات المتحدة الأمريكية، فما كان لهذه الفئات أن تطلق العنان لرهاناتها وأوهامها، لولا وعود قُطعت لها من قبل الإدارة الأمريكية.. هذه الفئات تدفّق عليها السلاح، وسخّر سلاح الجو الأمريكي بما يمتلكه من قدرات تدميرية لتغطية سماء المناطق التي تسيطر عليها، وزودتهم الاستخبارات الأمريكية بكل ما وصل إلى مسامعها من معلومات عن الخصوم، وانتشرت القواعد العسكرية في مناطق سيطرتها، وتوالى وصول الموفدين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي إلى مدنهم، كل هذا جعل هذه الفئات تظن- في لحظة انتشاء- أن (الفيدرالية) ولاحقاً (الدولة) باتت قاب قوسين أو أدنى.. وظنت أيضاً أن ارتفاع منسوب الخلاف التركي- الأمريكي سيجعل من أكراد سورية (بيضة القبان) في السياسات الأمريكية في المنطقة.
لهذا كله، استمرؤوا اللعبة، وضربوا عرض الحائط بعلاقاتهم مع الدولة السورية الأم، وفرضوا سيطرة مطلقة على مدينة الحسكة، وتقدموا بشروط لوقف النار هي بمثابة (صكّ إذعان)، وبعد ذلك عبروا الفرات شرقاً ودخلوا منبج ولم يخفوا نواياهم بالاتجاه إلى (الباب وجرابلس).
إذاً.. ظنوا أنهم إذا امتلكوا الدعم الأمريكي، امتلكوا الدنيا بأسرها، واستخفوا بكل شيء.
وفي ذروة التحليق على ارتفاعات شاهقة، جاءتهم الضربة من حيث لا يحتسبون.. واشنطن سارعت لاستدراك أنقرة قبل أن تذهب بعيداً على طريق موسكو – طهران. ويأتي جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي ليعتذر لتركيا ويتعهد بدعم الطائرات الأمريكية للقوات التركية البرية التي دخلت جرابلس.
إذاً، جاءت الصفعة الأمريكية لأكراد سورية موجعة فتبددت أحلام الفيدرالية الكردية..
والجدير بالذكر أن الدولة السورية لم ولن تعتبر أن علاقتها مع المكون الكردي بلغت نقطة (اللاعودة)، بل هي، كما كانت على الدوام، تعتبر المكون الكردي من مكونات الشعب السوري، وأنها على استعداد لبحث مطاليبه بعد أن تعود المياه إلى مجاريها وتنتهي سورية من تصديها للحرب الإرهابية، وذلك على قاعدة وحدة الأراضي السورية وسيادة سورية واستقلالها، مع العلم بأن ما يؤخذ في لحظة ضعف الدولة من جانب واحد وبأسلوب (الاقتناص) لن يستمر طويلاً.
باختصار.. لا حل كردياً لمشكلة أكراد سورية، بل سيكون الحلّ وطنياً سياسياً توافقياً، خاصة بعد أن تبين أن الرهانات على الخارج غير مجدية، بل خاسرة ومدمرة في الوقت نفسه.