روسيا والصين مستهدفتان من داعش وأخواتها؟
يتمدد تنظيم داعش الإرهابي على امتداد العالم وفق خطة مرسومة له، ليكون بديلاً عن كل التنظيمات المتطرفة، فعندما ظهر في أفغانستان، اشتبك مع (حركة طالبان) للقضاء عليها واختصار المشهد الأفعاني، كذلك ظهر خطر هذا التنظيم على (طاجيكستان) المجاورة، ما استدعى دول (منظمة شنغهاي للتعاون) إلى اجتماع رؤسائها في مدينة (أوفا) الروسية العالم الماضي والتأكيد على ضمان الأمن في فضائها، وعلى حدود دول أعضائها (روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان) وتقييمهم لتدهور الوضع في أفغانستان بأنه يثير قلقلاً بالغاً لدولهم.
أيضاً، اجتمع رؤساء (منظمة الأمن الجماعي) التي تضم (أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وروسيا وقرغيرستان وطاجيكستان) وتبنوا إجراءات مشتركة إزاء المخاطر الملحة عليهم، ولاسيما في طاجيكستان وأفغانستان المجاورة لها، ووقعوا أكثر من 10 وثائق تعاون لتفعيل التعاون الأمني بينهم، مثل إجراء مناورات مشتركة وزيادة إمدادات الأسلحة الروسية لدولهم، وتطوير القواعد العسكرية الروسية في أراضيهم.
وتشكل طاجيكستان حزام أمن لدول منظومة الأمن الجماعي، خاصة أن الجماعات المتطرفة وفي مقدمتها داعش، أخذت بالتوسع على طول الحدول الطاجيكية الأفغانية بدعم من حركة طالبان، كذلك فإن دول الغرب تلجأ إلى استخدام التطرف لمواجهة روسيا والصين، وخاصة أن هاتين الدولتين تقودان المعارضة العالمية لهيمنة القطب الواحد، وفيهما أقليات إسلامية يمكن استغلالها لضرب الجبهة الداخلية في كل منهما.
وقد كشفت صحيفة (الغارديان) البريطانية أن داعش تكثف جهودها لإنشاء (ولاية) في شمال القوقاز داخل روسيا الاتحادية، كما أصدر الجناح الدعائي لداعش شريط فيديو عن وحدة المجاهدين في القوقاز، تضمن مقابلات مع مسلحين يتحدثون الروسية في سورية والعراق، يعلنون عزمهم العودة لتطهير بلادهم من العلمنة والشرك! حسب اعتقادهم، وقد ازداد الخوف في روسيا من احتمال بدء تنظيم داعش الإرهابي فعلياً بتنفيذ تهديداته بشن هجمات في مدنها، مع تبنيه هجوماً شنه في شهر آب الماضي في شيشانيان على نقطة تفتيش للشرطة قرب موسكو أسفر عن جرح بعض أفراد الشرطة، وفي 14/11/2016 أعلنت وكالة الأمن الفدرالية الروسية عن اعتقال 10 أشخاص من خلية إرهابية مرتبطة بـ(داعش) تخطط لشن سلسلة من الهجمات في موسكو وبطرسبورغ، وهذه المجموعة الإرهابية مؤلفة من عناصر من دول آسيا الوسطى.
وبالفعل فإن المشكلة الرئيسية لدول منظمة الأمن الجماعي، هي أفغانستان التي كانت ولا تزال تربة خصبة لنمو التطرف والإرهاب ولنشرهما، وبسبب حدودها المشتركة مع طاجيكستان وبعض دول آسيا الوسطى والصين، فإن انتقال المتطرفين منها إلى هذه الدول الآمنة هو أمر سهل، نظراً للطبيعة الجبلية للحدود، مما يصعب عملية التحكم فيها وضبطها، وتتطلب من دول المنظمة مراقبة حدودها بشكل دائم، بل والقيام بعمل عسكري مشترك في أفغانستان لاستئصال شأفة التطرف منها.
لكن على ما يبدو الآن، فإن مواجهة التطرف تقتصر على سورية، فبعد دخول روسيا رسمياً على خط محاربة الإرهاب فيها عبر قواتها المسلحة قبل أكثر من عام ونيف، سارعت الصين مؤخراً إلى إرسال طائرات من طراز (J-15) للمشاركة في العمليات العسكرية ضد داعش وباقي المجموعات المسلحة الأخرى، وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يشارك فيها الجيش الصيني في عمليات عسكرية في الشرق الأوسط، الأمر الذي يركد أن هزيمة الإرهاب هي استراتيجية أساسية للحكومة الصينية.
وفي حقيقة الأمر، تدرك كل من روسيا والصين أنهما مستهدفتان من الإرهاب، وأن حلف الناتو عندما ينتهي من نشر الفوضى في مختلف بقاع المنطقة العربية، فإنه سيوجه (داعش) وأخواتها ضدهما، ولهذا تدخلت الدولتان في سورية لخنق البيضة قبل أن تفقس على أراضيهما.