الأدوية السورية تتجاوز«أحمر»الحكومة وتفقد بريقه!

  اختُتم الأسبوع الماضي بخبر رفع سعر الأدوية الوطنية الذي ضجت به المواقع والصحف السورية، بعد يومين من تصريح رئيس الحكومة السورية الذي بين فيه أن الدواء خط أحمر ولا يمكن رفع سعره، لأنه يمس بحياة المواطنين. كما أنه وجّه بعدم رفع سعر الأدوية وتوفيرها بشكل كامل، ونفت وزارة الصحة ما تداولته وسائل الإعلام حول رفع الوزارة لسعر الأدوية مؤكدة أن ما يثار بخصوص رفع أسعار الدواء الوطني لا صحة له جملة وتفصيلاً. ثم جاء تصريح معاونة وزير الصحة متناقضاً بين النفي والاعتراف برفع سعر بعض الأدوية إذ صرحت (إن ما يجري الحديث عنه حول تعديل في سعر الأدوية هو غير صحيح، وما يجري تداوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي هو عبارة عن مراسلة دورية تقوم بها الوزارة ضمن خطة عملها لتحديد الأسعار بشكل روتيني والجداول التي جرى تداولها أن أسعار الأدوية المذكورة فيها قد ارتفعت هي أدوية مفقودة وغير موجودة أو جرى إنتاجها حديثاً ويجب تسعيره مجدداً، أما الأدوية المتوفرة في الصيدليات فلم يطرأ أي تعديل عليها).

ويبين تصريح معاونة وزير الصحة أن عدة أمور يجب أن نقف عندها، فمثلاً قولها (الأدوية التي تم إنتاجها حديثاً) هل ستسعّر الأدوية التي تنتج حالياً بسعر جديد يسجل زيادة قد تفوق الضعف، أم قصدها أدوية ستكون جديدة على السوق السورية، وهذا ما يحتاج أكثر من غيره أن توضحه بكلام صريح ودقيق. والسؤال يبقى: هل ارتفعت الأدوية السورية حقاً أم حافظت على الخط الأحمر الذي شدّد عليه رئيس الحكومة

 من خلال متابعة صحيفة (النور) بشكل ميداني والتواصل الفعلي مع بعض الصيادلة، حصلنا على بعض المعلومات المهمة في فوضى التسعير الأخيرة الحاصلة على الأدوية، إذ قال لنا الصيدلاني (ص.أ) جرى تبليغنا عن رفع أسعار بعض الأدوية من قبل مستودعات الأدوية يوم الخميس الماضي، وقد شمل الارتفاع بعض الأدوية الموجودة لدينا بنسبة وصلت في بعضها إلى 100% وهذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها ارتفاع لسعر الأدوية، فمثلاً شركة تاميكو ترتفع الأسعار فيها كل فترة ومنذ أقل من شهرين ارتفع سعر منتجاتها بما يقارب 25% وبقيت أسعار الشركات الخاصة كما هي، وكذلك الأمر بالنسبة للأدوية النباتية فهي ترتفع بشكل تلقائي دون أي معوقات وزارية وقد سجلت في فترة أقل من شهرين ارتفاعاً 25%.

وفي سؤالنا حول بعض الأدوية التي سجلت ارتفاعاً جديداً قالت لنا الصيدلانية (ع. ي): لقد سجلت بعض الأدوية ارتفاعاً أي بنسبة 3 إلى 4 % من منتجات الشركة المصنعة فمثلاً دواء ليبراكس سعره القديم280 ل.س أصبح 510 ل.س، دواء سباسمافير حب من 120 ل.س إلى 250 ل.س، ايديوم 135 ل.س إلى 285 ل.س،سي كيور من 2500ل.س إلى 3500 ل.س،سيبرازول من 250 ل.س إلى 600 ل.س أما سيرازول فورت من 500 ل.س إلى 945 ل.س هذه بعض الأدوية التي جرى تعديل أسعارها.

ووفق متابعتنا وتوصلنا مع بعض مستودعات الأدوية قال لنا السيد (أحمد.م) بأنهم حصلوا على تسعيرات جديدة من قبل الشركات المصنعة للأدوية وبأن هناك عودة لأدوية، تم إيقاف إنتاجها منذ فترة طويلة مثل أوغماسيل بكافة أنواعه ورومايسين ولاسي وغيره من الأدوية وقد أوقفت الشركات إنتاجها بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية التي تدخل في تركيبها.

ولكن الواقع يقول وفق وصف بعض الصيادلة الذين زرناهم في جولتنا بأن هناك عمليات احتيال تقوم بها بعض المستودعات لبعض الأدوية وكذلك الشركات المصنعة، وقد لاحظنا ذلك مؤخراً أملاً برفع أسعارها والسبب يعود وفق ماعلمناه إلى أن هناك شركات جديدة أدخلت على خط الإنتاج وقد أعطت أسعاراً أعلى لمنتجاتها عن الشركات القديمة مما جعل هذه الشركات تقف عن إنتاج بعض العقاقير بعد أن طلبت رفع تسعيرها ولكن لم نتلقّ الرد عليها أبداً. في حال أسعار شركة تاميكو الحكومية ترتفع أسعارها بشكل تلقائي ودون أي قيود وعقبات وزارية، وهذا ما اعتبرته شركات الأدوية الخاصة مجحفاً بحقها.

وفي إطلاع لصحيفة (النور) على أسعار الأدوية الجديدة التي قامت بنشرها صفحة الأدوية السورية وجديدها، فقد لاحظنا ارتفاعاً في أسعار شركة أسيا وخصوصاً السيرومات التي سجلت ارتفاع 100% وتحظى هذه الصفحة بمتابعة كبيرة للصيادلة السوريين.

والسؤال يبقى موجهاً لحكومتنا التي نفت وزارة صحتها نفيً مطلقاً رفع سعر الأدوية، وكذلك تصريح رئيس الحكومة بأن الدواء خط أحمر، من المسؤول عن رفع أسعار بعض الأدوية من دون موافقات وزارة الصحة وتعاميمها؟ أين نقابة الصيادلة ودورها في ذلك؟ وهل ستكون هذه بداية لرفع جميع أسعار الدواء في القادم؟ ماذا عن حال المواطن السوري الذي لا حول له ولا قوة؟ هل يطلب الدواء بالدعاء والاستغاثة؟ فكل دول العالم تحترم القوانين الصحية لشعبها وتؤمّن له الدواء بما يتوافق مع معيشته وكان وطننا السوري في الدول الأولى بذلك، فماذا حدث اليوم في زمن الحرب الذي يجب أن تقف فيه الحكومة مع الشعب لا ضده، وأن تقدم له الحلول لا حبة دواء تجاوزت الخط الأحمر بسبب (الأخضر). 

العدد 1140 - 22/01/2025