كي لا ننسى…الشيوعي شاهين جرشاوي

 في الجولان العريق، والعزيز على قلب كل مواطن سوري، وفي إحدى بلداته الشامخة، ولد عام 1948 الشيوعي شاهين جرشاوي، الذي سيصبح فيما بعد شهيداً للحزب والوطن، في أسرة وطنية دخل أفرادها معترك الحياة السياسية، ومن منطلق وطني، وجدوا أنفسهم إلى جانب الحزب الشيوعي، الذي رأوا فيه مدافعاً صلباً عن استقلال الوطن وحريته، ومناضلاً بحزم ضد الأحلاف الاستعمارية والديكتاتوريات..

في هذا الوسط نما وشب ودرس هذا المناضل، بداية في مدرسة بلدة تل الفخار، وبعد ذلك في دمشق، حيث ينخرط مع زملاء كثر له في النضال إلى جانب الحزب الشيوعي، ملبياً بإنكار ذات جميع المهمات التي كان يكلف بها.

وتأتي حرب تشرين عام 1973 ويدفعه واجبه الوطني للالتحاق بالجيش، ويخضع لعدة دورات تدريبية سريعة ويدخل الحرب، ويخوضها مع زملائه الجنود بروح عالية من المسؤولية، ويجرح، بيد أنه قبل أن يبرأ تماماً يصر على الالتحاق مرة ثانية بكتيبته، قائلاً لأهله إنه لا يستطيع البقاء في المنزل ورفاقه الجنود يقاتلون، وإن مكانه هو معهم. وقبل التحاقه، وكأنه كان يعرف أن سيستشهد في ساحة المعركة، أهدى ساعته لوالده وهو يودعه، وكان توصية أبيه لا تقل عن تضحية ابنه: يا بني، لا تخفض رأسك أبداً أمام العدو ولا تخشاه.. وبذلك فسوف ترهبه وتخيفه، وقد كان موقف شقيقته لا يقل تضحية عن موقف والده.

عاد شاهين إلى القتال، والتحق بكتيبته بعد عناء طويل، وبكل بسالة وقف مع زملائه من الجنود يدافعون عن الوطن وعن حريته وكرامته.. بيد أن رصاصة قاتلة أصابته، وأدت لاستشهاده.. وكم كان ذلك مؤلماً لرفاقه بالسلاح، الذين استقبلوا جثمانه بالحزن والعزيمة على الثأر له من هذا العدو الغادر.

وعندما وصل نبأ استشهاد شاهين إلى أهله، استقبلت والدته هذا الخبر بكل شجاعة، دون أن تذرف الدموع، محببة استشهاد ابنها وتضحيته من أجل الوطن والشعب.

لاتزال ذكرى هذا الشيوعي الشاب، هذا الوطني المفعم حماسة في الدفاع عن الوطن باقية في ذاكرة الكثير من أصدقائه وأبناء بلدته، وفي ذاكرة أهله، نموذجاً للاستقامة والصدق والوطنية والدفاع عن مصالح الشعب، ولذلك يجب أن يبقى اسمه حياً، وأن لا يطويه النسيان.

العدد 1136 - 18/12/2024