السيد وزير الإدارة المحلية إلى متى ننتظر استرجاع أراضينا؟!
إذا كانت المادة الخامسة عشرة من الدستور قد تضمنت تحت عنوان الملكية الخاصة من جماعية وفردية مصونة وفق الأسس الآتية:
– لا تنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون.
– جواز المصادرة الخاصة لضرورات الحرب والكوارث العامة بقانون لقاء تعويض عادل.
– يجب أن يكون التعويض معادلاً للقيمة الحقيقية للملكية.
وانطلاقا من هذا سنعرّج قليلاً في تفاصيل هذه المعاناة التي مضى عليها عشرات السنين والتي مازالت تقضّ مضاجع أصحاب تلك الأراضي التي وضعت إشارة عليها بحجج واهية، منها ماخطط له ليكون مدارس ومنها حدائق وملاعب وغيرها وغيرها.
إذا كانت الحاجة تقتضي وضع إشارة على عقار ما بغية قيام منشأة أو مشروع هام قد يعود بالفائدة على عموم الناس فالمواطن بكل تأكيد لن يقف حجرة عثرة في وجه مشاريع كهذه قد يستفيد منها أبناؤه أو أحفاده.
أمّا أن تبقى الإشارة على أراضٍ صالحة للزراعة أو صالحة لإقامة مشاريع عمرانية تحسّن واقع أصحابها وواقع أحفادهم وحتى أحفاد أحفادهم لعشرات السنين فهذا مالايقبله العقل ومالا يفهم سرّه أولئك الناس الذين يحلمون برؤية المشاريع التي اغتصبت أراضيهم من أجل إقامتها، فهل من المنطقي الاستمرار على هذه الحالة؟
السيد بسام علي من منطقة الدريكيش – جبل تخلة 18 ويملك العقار 396 ويقع داخل التنظيم، وهو مكتسح بالكامل بطريق تنظيمي بعرض 12 متراً وقد دخل التنظيم منذ أكثر من ثلاثين عاماً ولا يملك السيد بسام غير هذا العقار.
منذ عام 1980 وهذا العقار كما ذكرنا يقع ضمن المخطط التنظيمي لمدينة الدريكيش، وهذا العقار مساحته حوالي 290 متراً مربعاً. صاحب العقار اعترض على هذا المخطط لعدة مرات أصولاً لدى بلدية الدريكيش ودرس طلبه في اللجنة الإقليمية بمحافظة طرطوس، وهو يلتمس فيه إلغاء هذا المخطط أو تعديله ليكون أقل ضرراً عليه، ولكن في كل مرّة كان الرفض من نصيبه. والشيء المدهش في الموضوع أنه لم يحدث إلغاء ذلك ولم ينفذ الاستملاك ولم يجر التعويض عليه، علماً أن هذا الطريق موازٍ لطريق آخر لا يبعد عنه أكثر من 40 متراً.
طبعاً هذا المواطن هو عيّنة من مئات إن لم نقل مئات الألوف من المواطنين الموزعين على مساحة الوطن الذين لهم المعاناة نفسها كان قد تقدّم بكتاب إلى السيد وزير الإدارة المحلية منذ عام 2011 في عهد الوزير عمر غلاونجي الذي وجّه في حينها بدراسة طلب المواطن المذكور، ولكن الرّد جاء على إحالة السيد محافظ طرطوس من قبل بلدية الدريكيش بأن اللجنة الإقليمية هي صاحبة القرار في ذلك ومن جهة ثانية فإن الاستملاك يتم وفق خطة يقررها مجلس مدينة الدريكيش وفق الحاجة.
السؤال الأول الذي يطرح هنا: إلى متى يبقى هذا المواطن الذي اخترناه نموذجاً لمعاناة العديد من أبناء الوطن الذين لديهم حالات مشابهة رهينة بقرارات اللجنة الإقليمية التي يغلب على عملها المزاجية وأشياء أخرى يتحدث عنها معظم من اغتصبت أراضيهم.
السؤال الثاني وهو برسم بلدية الدريكيش ونتمنى الإجابة عنه: متى سيعقد اجتماع مجلسكم الموقّر لتحديد موعد لاستملاك أراضي الإخوة المواطنين؟ وإذا لم تكونوا في حاجة إلى تلك العقارات التي وضعتم أنتم ومن سبقكم إشارات على عقاراتهم فهل تتكرّمون برفع الإشارة عنها؟!.
السؤال الثالث برسم من وضع القوانين التي تسمح باغتصاب الملكية الخاصة وترك أصحابها عرضة لقرارات لجان إقليمية وغيرها لسنوات وسنوات؟ وكيف تضع البلديات إشارات على العقارات ولكن تلك البلديات لا يمكنها رفع تلك الإشارات الظالمة؟
الحالة الثانية التي أود عرضها في هذا المقال تتحدث عن حالة مشابهة ولكنها في صافيتا فالمواطن حسن محمد إبراهيم من أهالي صافيتا يملك العقار 780 من منطقة صافيتا، الثانية، ومنذ ثلاثين عاماً والعقار موضوع اعتراض أمام اللجنة الإقليمية لوقوعه ضمن المخطط التنظيمي ووجود طريق بشكل لا يسمح بالبناء على العقار علماً أن العقار مساحته حوالي 820 متراً مربعاً، وقد جاء المخطط التنظيمي واكتسحه من أعلاه إلى أسفله وبشكل مائل.
هذا العقار على هذه الحالة منذ أكثر من ثلاثين عاماً علماً أن الطريق لم ينفذ ولم يشق وأنه لا حاجة أبداً لهذا الطريق لأن الطريق ينفذ بشكل موازٍ لطريق آخر على عرض أقل من أربعين متراً وبالتالي فإن تنفيذه غير ذي جدوى ولا منفعة سوى إهلاك العقار المذكور وحرمان صاحبه من الاستفادة منه.
صاحب العقار كغيره ممن اغتصبت أراضيهم يلتمسون من معاليكم سيادة الوزير الإيعاز لمن يلزم باتخاذ الإجراءات اللازمة إمّا لجهة رفع يدها عن العقار وإلغاء الطريق وإمّا دفع ثمن العقار لكونه وفق المخططات التنظيمية غير صالح للانتفاع بأي جزء منه أو تعديل مسار الطريق ليكون للمالك جزء من العقار يمكنه الاستفادة منه.
أخيراً: إذا كانت الأمثال الشعبية لم تترك شيئاً إلا وقالته فإن المثل القائل: صاحب الحق سلطان لا يمكن تطبيقه في حالات المواطنين الذين اغتصبت أراضيهم وأملاكهم بحجج واهية تحت شعارات متعددة، فهل سيعود صاحب الحق سلطاناً في عهدكم سيادة الوزير؟!. هذا ما نتمناه وننتظره.