سفر برلك… ابتسم قبل أن تموت
لم يبق للشعب صوت في زمن حرب الانتهازيين، تلك الحرب المجنونة التي سحقت كل شيء دون رحمة أو هوادة من أجل تحقيق رغبات ومصالح نفوس أصابتها السكيوباتية والنرجسية ليسجل الفقر أعلى نسبة له بعد مضي قرن على سفر برلك الاحتلال العثماني سفر برلك جديد يعيشه السوريون بمرارة أكثر قسوة وألم لتأتي قرارات حكومات الحرب التي وصفت نفسها بحكومات الأزمة أكثر تعسفية وإجحافاً بحق المواطن السوري على مدى سنوات الحرب الست التي لم ترحم أحداً من جبروتها وجعلت الشباب والأطفال وحتى العجزة وقوداً لها في وطن أكثر ما أوجعه انتشار زعران الداخل وتجار الحرب الذين لم يكن همهم سوى تحقيق مصالحهم وجمع ثرواتهم بمختلف الأساليب والطرق.
يصدح صوت المذياع مرة أخرى يعلن عن تصريحات جديدة عن واقعنا الذي يعيشه المواطن السوري اليوم في ندرة المياه التي باتت تباع بالقطرة كغرامات الذهب لتضاف إلى سجل الأزمات المعيشية الداخلية بعد الغاز والكهرباء والوقود لتكون هدية العام الجديد الذي دخل راقصاً على أنغام المفرقعات والرصاص والدوشكا ليكمل عرضنا الكوميدي الأسود واضعاً ألف سؤال، وسؤال ولكن لم يعد للإذاعة شعب فقد علقت نعوة العزاء لقناتنا الأم من دون شاهدة وقبر، فورشات الإصلاح تتطلب التقنين والحصر في كل شيء حتى تنفس الهواء على المواطن أن يتقشف فيه والحكومة كفيلة بتأمين الحلول لواقع الحال، فهي حكومة فقراء وليست مسؤولة عن فقر المواطن كما وصفها معاون وزارة الاقتصاد السابق.
الدولار تحت السيطرة والأسعار تعلن النفير
تحت السيطرة كلمة بتنا نرددها كلٌ بطريقته من كثرة ما سمعناها من الحاكم المركزي عند ارتفاع الدولار التدريجي في السابق واليوم مازال الدولار تحت السيطرة مسجلاً بعد رأس السنة ارتفاعاً جديداً بعد أن هبط لأيام معدودة لتسجل أسعار السلع الغذائية والحاجيات الأساسية صعوداً في أسعارها بعد أن انخفضت قليلاً بفوارق مختلفة فالزيوت ارتفعت بمعدل 76 ليرة لليتر الواحد والسكر بفارق 50 ليرة سورية للكيلو، أما المشتقات الحيوانية فقد بقيت على أسعارها الأخيرة وكذلك الفروج واللحوم أما الخضروات فقد ارتفعت هذا الموسم كثيراً عن الموسم السابق خصوصاً البطاطا والبندورة ليبقى البرتقال السوري يتيم السوق بعد أن كسره استيراد الموز من لبنان.
الكهرباء في أسوأ حالاتها وارتفاع متوقع لأسعارالمحروقات والغاز
بعد وعود كثيرة بعودة التقنين السابق للتيار الكهربائي لم تصدق تصريحات ووعود الحكومة بذلك، بل أصبح وضع الكهرباء أكثر سوءاً فقد بات التقنين في بعض المناطق يصل إلى 5 ساعات وساعة واحدة كهرباء ومناطق أخرى ساعة ونصف كهرباء بـ أربع ساعات ونصف انقطاع وهذا الانقطاع أثر كثيراً على قطاعات العمل المختلفة وعلى نفوس المواطنين، وخصوصاً الطلاب الذي يمرون بامتحانات الفصل الدراسي الأول ولم تكن الكهرباء الوحيدة فأزمة الغاز مازالت مستمرة ووفق ما يشاع فإن هناك توقعاً بارتفاع أسعار المحروقات والغاز متأثرة بالارتفاع الحاصل عالمياً وهذا إن حصل سيجعل الواقع المعيشي أكثر تعقيداً وسوءاً.
دمشق عطشى وتنبيهات من حالات التسمم
يعيش مواطنو دمشق منذ أسابيع أزمة مياه لم تمر عليهم سابقاً بسبب تلويث منابع الفيجة بملوثات من قبل المجموعات الوهابية الإرهابية وحتى اليوم لم تجد الحكومة حلاً لأزمة المياه، وتسود العاصمة اليوم حالة تجارة المياه من قبل تجار الحرب والانتهازيين الذي وجدوا مصالحهم بذلك. وقد توعد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بعقاب كل من يبيع المياه بأعلى من سعرها إلى صرح بأن سعر الليتر 120 ليرة فكيف ذلك وهو يباع في صالات المؤسسات الاستهلاكية ب 125 ليرة سورية، ولم تكن أزمة المياه وحدها ما أصاب العاصمة بل باتت صفحات التواصل الاجتماعي بنشر أخبار عن حالات تسمم وانتشار متلازمة غيلان باريه بكثرة بسبب التلوث مقدمة نصائح بعدم تناول الأطعمة من الأماكن العامة وكذلك غلي الماء وتبريده ليصبح صالحاً للشرب.
بداية عام جديدة تكمل كتابة مآسينا بواقع بات أسوأ مما يكتب ويقال عنه فقد تجاوز الفقر كل حدوده وعابت أبسط مقومات الحياة حتى السراج الذي كان يضيء أكواخ الأجداد وعتمة كوانين لم يعد اليوم يسعف ليالينا بقليل من الإنارة فكازه غير متوفر وكذلك لم تعد لسهرات الشتاء رائحة الدفء الجميلة لتي كانت تجمع سكان الحي بكل محبة وألفة، لم يعد من الحياة سوى نظرات حائرة بانتظار غد أكثر رحمة من أيام قاسية استنزفت كل شيء وعادت بنا قرناً للوراء لنعيش سفر برلك أيامنا بابتسامة أمل قبل الموت.