صوت الشعب دولة الدستور والقانون

 بين منعطفات الحرب الكثيرة ومؤتمراتها التي لم تنته هناك دمعة عجوز كهل تغازل عود ثقاب حالمة بالدفء من البرد لم تتحقق ، كما هناك طفلة تبتسم للموت وهي تجوب الشوارع وبيديها الصغيرتين حبات من العلكة  تبيعها لكي تحصل على لقمة عيشها وعيش أخواتها ، لتروي أحزان النساء والأمهات مآسي الشباب وغربتهم الذين باتوا بلا أحلام وعناوين لمستقبل ربما يأتي، لتأخذ الجدالات العقيمة بين مصطلحي المعارض والمؤيد الداخلية والخارجية اتساعاً أكبر وعناوين تتصدر بها نشرات الأخبار والصحف وفضاء السايبر بتغييب أهم مصطلح يطلق على حالة الحرب الآن وهو الإنسان الوطني واللاوطني، ففرق كبير بين معارض وطني ومؤيد يقوم بالتعفيش والتجارة بالشعب الذي غيب صوته منذ زمن بعيد وسجن بحالة الخوف من كلمة الحق ومطلبه بحياة بسيطة تحفظ كرامته. فالدولة شعب قبل أن تكون مؤسسات ومسؤولين، والوطن دستور، قانون، تربية وإعلام حر يشمل الرأي ويحترم الرأي الأخر والنقد لتصحيح الأخطاء، ولكن أين نحن اليوم من مطالب بسيطة لشعب أحرقته الحرب وتجارها وأين الحكومة والقوانين في ظل الدستور؟ والسؤال الأكثر إلحاحاً: هل أغلقت النقابات أبوابها وسلمت مفاتيحها للحكومة؟

الفساد والإرهاب فاصل شعرة

بين الفساد والإرهاب شعرة فاصلة، ففي زمن الحرب تحول الفساد الذي كان متستراً ومختبئاً  وراء الكواليس إلى فساد علني في كل المؤسسات والأروقة ليطول الشعب ويفرد جناحيه على الحياة الخدمية والمعيشية متغلغلاً في أبسط الأمور حتى في الفرد نفسه لتزدهر معه تجارة السوداء وترتفع بورصتها للأعلى، وكما للتعفيش نصيبه أيضاً في بورصة الفساد التي تحولت إلى مظاهر مجتمعية لم تعد تحتمل فقد خرج الفساد عن حده ليصبح إرهاباً حقيقياً وواقعياً يحكم على المواطن بالموت جوعاً تهجيراً أو في العراء في ظل غياب القانون والروادع الحكومية التي لم تفعل حتى اليوم فهي فقط مجرد تصريحات وخطب لم تعد تلقى آذاناً صاغية فالمواطن همه الوحيد بات تأمين لقمة عيشه بأقصر السبل لا أكثر من ذلك والسؤال هنا: هل لدينا حكومة؟ وماذا تفعل؟

النقابات تختفي هل هي مغيبة؟

لم يعد للنقابات أي دور في حماية المواطن فلا رأي ولا صوت لها فقد تحولت إلى نقابات سياسية بإفراغها من مضمونها الأساسي  الذي أنشئت من أجله فيجب إعادة تفعيل دورها المطلبي في هذا الوضع الذي بات معقداً وسيئاً للمواطن السوري والذي يتساءل الكثير منهم عن  النقابات والاتحادات الذي كان لها في ثمانينيات وتسعينات القرن المنصرم دور في حماية الاقتصاد والمجتمع وقد أعطيت أهمية خاصة وكانت قرارات اتحاد العمال واتحاد الفلاحين هي قوانين ملزمة للحكومة فأين هي الآن وأين دورها…؟؟؟ فاليوم بات اتحاد العمال اتحاد الفلاحين اتحاد الطلبة اتحاد الصحفيين الاتحاد النسائي وغيرها من منظمات كلها تمالئ السلطة التنفيذية وتطلب رضاها وأكثر ما لفت الانتباه مؤخراً  لهذه القضية هو بيان اتحاد الصحفيين من قرار وزارة الإعلام بإغلاق القناة الأولى في التلفزيون السوري وإغلاق إذاعة صوت الشعب ومطالبته الخجولة بحقوق الصحفيين العاملين في هذين الموقعين إضافة إلى الممالأة المتكررة بالعبارات مثل كنا نتمنى، إننا نتفهم،كانت آلية القرار، ولو لم يصدر هذا البيان كان أفضل ولو كانت النقابات كسابق عهدها لأرغمت وزارة الإعلام على التراجع عن قرارها، وهذا ينطبق أيضاً على النقابات والاتحادات الأخرى أيضاً ومنها اتحاد الفلاحين والحرفيين الذي لم يعد لهما وجود.

تغييرات حكومية قادمة فهل الكهرباء والماء يعودان؟

تناقلت الصحف والمواقع في الأيام الأخيرة أخبار عن تغييرات حكومية قادمة سوف تطول 6 وزارات وبدأت التكهنات والتوقعات تنتشر كل وفق تابعيته و مصادره ولكن السؤال الأهم ما أهمية التغيير الوزاري في ظل الواقع المعيشي الذي بات أسوأ من السيئ، وبارتفاع نسبة الفقر في سورية متخطية المقاييس العالمية لها  وما هي إنجازات الحكومات منذ 2011 حتى اليوم على الأصعدة الخدمية والمعيشية؟ وماهي الحلول التي قدمتها لمعالجة الواقع الخدمي الذي لم يعد من منظومته سوى خيال لها، فالكهرباء باتت لمعة والماء أصبح قطرة ووووو… الخ فالأهم بمنظورنا الإعلامي والواقعي المعيشي للمواطن السوري قبل التغيير الحكومي هو إيجاد حلول لواقع الشعب الخدمي، ومحاربة الإرهاب الداخلي(الفساد) المستشري، وإعادة المؤسسات لدورها الوظيفي الأساسي في الخدمة، ومنح العقول السورية الشابة الحق في المشاركة بحل الأزمات المعيشية بدل محاربتها وحرقها وتهجيرها، وخروج الحكومة عن التحكم الذي يقيدها من التجار وغيرهم.

لابد من كلمة أخيرة

مطالب الشعب السوري بسيطة جداً وليست معقدة كما تراها حكوماتنا المتتالية أو ينظر إليها تجار  الحرب وزعرانها من المافيات، مطالب الشعب حلمه بوطن يشعر بوجوده الحقيقي ضمنه كمواطن له دور في التنمية والعيش لا كدمية للعبث، كما مطلبه المُلح تفعيل القوانين التي تحميه وتحريرها من قبضه المتحكمين بها، كما مطلبه البسيط جداً منحه حقه في المعيشة بتأمين أبسط متطلبات الخدمة لا سرقته تحت اسم قانون ودون خدمات موجودة…. فصوت الشعب يطالب  بحقوقه المعيشية ضمن مفردات نص لها دستور البلاد. 

العدد 1136 - 18/12/2024