كانون.. «فحل الشتاء»!
يقال إن كانون (فحل الشتاء)، أي أغزر الأشهر مطراً، لكن على ما يبدو أمور هذا الفحل ليست على ما يرام هذا العام، وباتت فحولته عقيمة، إذ قارب الشهر على نهايته والطبيعة أخذت في مسارها نحو الربيع الطلق الذي أخذ يتمدد ويدق الأبواب وسط غياب شبه كلي للأمطار والثلوج في أغلب المناطق.
يخشى الناس من غياب المطر وانعكاساته السلبية.. المزارعون يخشون على الزرع، وأصحاب المواشي على الضرع، والناس العاديون على المياه الجوفية وجفاف الآبار والينابيع والعيون، ويزداد خوفهم أكثر من نقص مياه الشرب والعطش في الصيف، وهناك الكثير من المدن والبلدات التي تعاني من هذه المشكلة وتكرارها في أغلب السنوات.. إذ أصبحت تجارة المياه حالة مألوفة وبأسعار غالية جداً تضيف إلى نفقاتهم نفقات!
إن كميات الأمطار الهاطلة لهذا العام قليلة، ومازال المعدل المطري منخفضاً جداً، وكما شبّهه أحدهم مثل رواتب الموظفين وأجورهم، التي باتت لا تغني ولا تسمن، وبات الراتب يحتاج إلى أضعاف مضاعفة ليكفي الحاجات الأساسية للأسرة، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار!
انحباس الأمطار هذا العام شكّل مفارقة عند الناس، فالبعض يرى في هذا الجفاف نقمة وغضباً إلهياً وصورة من غضب الله عليه، بعدما انتشرت الرذيلة وقلة الأخلاق وفساد المجتمع، بينما هناك فئة أخرى ترى في الأمر نعمة ورحمة للفقر وأصحاب الدخل المحدود الذين يتجمّدون في منازلهم، قرب مدافئهم الخاوية من الزيت والحطب، وهم يحصلون على دفء الشمس في النهار، وينامون مع المغيب في الليل.
مازلنا محكومين بالأمل والتفاؤل بالأيام الباقية من شتاء هذا العام أن تعوض النقص في أمطار الموسم الحالي، وأن تحمل الخير والبركة لكل السوريين والسوريات الصامدين في هذا الوطن الحبيب.