إنجازات الرئيس بوتين تؤهله للاستمرار في قيادة روسيا الاتحادية

تنتهي الفترة الرئاسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السابع من أيار العام الجاري، وسيسبق هذا التاريخ إجراء انتخابات رئاسية جديدة.

لا شك في أن بوتين يعتبر الأقوى بين زعماء العالم، ولعل من أبرز إنجازاته نبرة تحدّيه للولايات المتحدة، هذه النبرة أصبحت عالقة في أذهان الملايين من ناخبيه الذين يصرون بقوة على إبقائه فوق مقعد الرئاسة بالكرملين، وماثلة أيضاً في عقول معظم سكان العالم الثالث بشكل خاص، كنجم بزغ في سماء الساحة السياسية والعالمية مع مطلع القرن الحادي والعشرين.

عودة إلى الأمس القريب، توضح بما لا يدع مجالاً للشك أنه لولا وصول بوتين إلى سدة الرئاسة في الكرملين للحقت روسيا بالاتحاد السوفييتي السابق، إذ إنها كانت مهددة بتقسيمها إلى 52 جمهورية، بموجب خطة أعدت في سراديب الإدارة الأمريكية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، ونعيد إلى الأذهان بعض ما فعلته واشنطن وحلفاؤها مع روسيا الاتحادية في التسعينيات، من حيث دعمها اللامحدود للحركات الانفصالية في شمال القوقاز وما تسمى بالمعارضة الليبرالية، ودورها السافر في إعادة تنصيب الرئيس الأسبق بوريس يلتسين، لفترة ولاية ثانية عام 1996، وتزعمها لحملته الانتخابية من مقر موفديها وجواسيسها ممن كانوا يقيمون في فندق بريزدنت التابع لإدارة الكرملين في قلب العاصمة الروسية موسكو، وتعاونها المكشوف مع ابنته تاتيانا التي كانت بمثابة حلقة الوصل بين أبيها يلتسين وأساطين الأعمال والمال الذين كانوا في معظمهم من اليهود الموالين لإسرائيل وللولايات المتحدة.

إضافة إلى ذلك، فإن ما يشهده العالم اليوم من أحداث يزيد في تفاقمها ما يتخذه الرئيس ترامب من خطوات غير محسوبة وغطرسة لامحدودة، يفسر ما قاله الرئيس السوفييتي الأسبق غورباتشوف لصحيفة (كومسومولسكايا) عن مبررات تأييده لإعادة انتخاب بوتين لولاية رابعة بقوله: (روسيا تعاني العديد من المشاكل والوضع الدولي معقد للغاية)، وإن بوتين زعيم يتمتع بجدارة بدعم الشعب وروسيا بحاجة إلى أخذ ذلك بعين الاعتبار).

ما قاله غورباتشوف يتفق إلى حد كبير مع مفردات الواقع الراهن في روسيا، ويعكس آراء وميول الغالبية العظمى من الشعب الروسي.

ولعل ما تشهده الساحة الروسية والدولية، يقول إن الرئيس بوتين يخوض الانتخابات المزمع إجراؤها متكئاً على قاعدة كبيرة من الإنجازات الداخلية والخارجية أبرزها:

– استعادة شبه جزيرة القرم، والعملية العسكرية الناجمة في سورية التي دمرت داعش بشكل شبه كامل وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية المسلحة، والتي كانت تستهدف في وقت لاحق الأمن القومي الروسي، ثم استعادة الدور الدولي لبلاده عبر تعديل التوازنات في السياسة العالمية ووضع حد لسياسة تفرد قطب واحد بالسياسة الدولية منذ عقود.

وهنا لابد من أن نتذكر الخطاب الأشهر الذي ألقاه بوتين في مؤتمر الأمن الأوربي في ميونخ في شهر شباط 2007 والذي أعلن فيه رفضه لهيمنة قوة بعينها واحتكارها للقرار الدولي، وإعلانه عن ضرورة بناء عالم متعدد الأقطاب، ورفضه لضغوط وعقوبات الخارج التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي على بلاده منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في عام 2014، بترتيب من الإدارة الأمريكية وحلفائها، للتأثير على روسيا الاتحادية وتحجيم دورها على الساحة العالمية.

– كذلك توجه بوتين نحو إعارة الاهتمام الزائد لتحديث وتطوير القوات المسلحة الروسية، والعمل على إمدادها بأحدث تكنولوجيات العصر، لتتمكن من مواجهة توسع حلف الناتو باتجاه حدودها.

– يضاف إلى كل ذلك أن الرئيس بوتين وسّع علاقات بلاده مع معظم دول العالم، بغض النظر عن أنظمة الحكم فيها، عبر توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي وسياسي وعسكري مع عشرات الدول في أنحاء العالم، ومد اليد للتعاون معها في حل المشاكل الدولية.

الخلاصة: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نجح بقوة واقتدار في أن يكون الزعيم الأقوى في العالم بين جميع الرؤساء، خاصة نجاحه في القيادة ودفع الأمور باتجاه لعب أدوار فعالة وحساسة على الساحة الدولية بحنكة وخبرة تؤهله للاستمرار على رأس القيادة في الكرملين بتأييد شعبي داخل بلاده، وبترحيب دولي عام لاسيما في دول العالم الثالث.

العدد 1140 - 22/01/2025