الأمريكيون والأتراك يحاولون نسف المساعي السلمية

 في إحدى جولاته الانتخابية قال المرشح الجمهوري ترامب إن أوباما هو خالق داعش، وساعدته في ذلك الميسز كلينتون.

بغض النظر عن حيثيات الاتهام فنحن لا نعرف تماماً إلى أي مبررات استند ترامب في اتهامه، لكننا نعرف تماماً أن وراء (براغماتية) أوباما التي خدعت الكثيرين، تلطت رغبة محمومة في تنفيذ مخطط طال انتظاره..

لكن وفق شروط جديدة ولاعبين جدد جرى اختبارهم في جبال أفغانستان وكهوفها، من يعتقد أن تجمعاً (جهادياً) كداعش أو النصرة يستطيع تهديد أمن الشرق الأوسط برمته دون دعم الولايات المتحدة، هو واهم.. لقد مثل سلوك الولايات المتحدة السياسي منذ بداية الأزمة السورية الخلفية المتعددة الأشكال لمشهد واحد:

ترتيب الشرق الأوسط عن طريق إنابة الإرهاب بدلاً عن الأمريكيين لتنفيذ هذه المهمة.

أما أحاديث أوباما وإدارته عن السلام، فلم تكن إلا مخاتلة مكشوفة فضحتها الإرساليات العسكرية والمساعدات اللوجستية والتدريبية والضغط على الأوربيين لاتخاذ موقف متطابق، والتفاهم مع تركيا أردوغان على رعاية الإرهابيين، بل مساندتهم حين اللزوم عسكرياً، وابتزاز الخليجيين للحفاظ على عروشهم.

لذلك حذرنا مراراً من (بهلوانية) السياسات الأمريكية وتأرجحها حسب المتطلبات التي تقتضيها مهمة إركاع سورية والسوريين.. وأعلنا بأننا لا نثق  بالأمريكيين، التاريخ يشفع موقفنا هذا، وهو مليء بالعبر والأمثلة، إن ذاكرتنا ما زالت حية، إن الاتفاق بين روسيا وإيران وتركيا على مبادرة سياسية في سورية أزعج أوباما وإدارته، وكان رد الفعل سريعاً بإرسال الأسلحة الحديثة إلى الإرهاب، والضغط على روسيا وزيادة حجم العقوبات وطرد الدبلوماسيين الروس، والإسراع في نشر القوات الأمريكية في شرق أوربا.

ونعتقد أن الجهود الأمريكية تنصب اليوم بمساعدة مؤثرة من تركيا على نسف اجتماع (الأستانا) بعد وعود لبقايا الإرهابيين باستمرار دعمهم للوقوف بوجه المسعى السلمي الجديد.. هذا ما تؤكده الخروقات التي يرتكبها(معتدلو) أميركا، ومحاولتهم تقويض اتفاق وقف الأعمال القتالية، ورفض الذهاب إلى الأستانة.. وما جريمتهم الأخيرة بقطع مياه الشرب عن مدينة دمشق، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها من أفظع جرائم الحروب إلا دليلاً على استقوائهم بدعم أمريكي وتركي لعرقلة أي حل سلمي لمآسي السوريين.

سورية ماضية في تصفية الإرهاب، في الوقت الذي رحبت فيه بمساعي روسيا وإيران السلمية، وأبدت استعدادها لحضور أي لقاء سوري سوري، خاصة بعد تحول الاتفاق إلى قرار دولي.

ورغم معاناة المواطنين السوريين خلال السنوات الست الماضية، إلا أن منسوب التفاؤل لديهم ازداد، لكنه تفاؤل حذر.. فقد اختبروا في الماضي محاولات تسوية، أفشلتها الإدارة الأمريكية وشركائها الأوربيين والأتراك وحكام الخليج.

المطلوب اليوم، بعد استعادة حلب، الاستمرار بدعم جيشنا الوطني في مكافحة الإرهاب، والحرص على وحدة سورية ومنع تقسيمها، فما تخطط له الإدارة الأمريكية بالاتفاق مع تركيا يصب في اتجاه التقسيم، والإسراع كذلك في توحيد كلمة المواطنين السوريين الوطنيين عبر حوار سوري سوري، ودون تدخل خارجي، والاتفاق على مستقبل سورية الديمقراطي.. العلماني.. المعادي لكل أشكال الهيمنة، والذي يحقق تطلعات شعبنا بجميع مكوناته الاجتماعية والإثنية.

العدد 1140 - 22/01/2025