انثروا القمح على رؤوس الجبال!

أعلن أحد الجنرالات الأمريكيين قبل أيام أن هدف الحرب على أفغانستان لم يكن أبداً ضرب الإرهابيين هناك، بل كان تعريف الإسلام، كما تريد الولايات المتحدة أن يعرفه العالم. والغريب أنه ما إن انهار الاتحاد السوفييتي، ولم يعد هناك ضرورة لوجود أسامة بن لادن قائداً يقاتل الكفرة السوفييت حسبما روجت الولايات المتحدة، حتى وقعت مجزرة مانهاتن وضربات برجي التجارة العالميين في نيويورك في الحادي عشر من أيلول عام 2001!

السؤال الأول الذي كان على العرب أن يقفوا عنده هو أن هناك لغزاً لم يحلّه بن لادن هو: كيف يقاتل السوفييت الذين يدعمون العرب في صراعهم مع إسرائيل، ولايقاتل إسرائيل نفسها؟ أما السؤال الثاني، فكان بديهياً في أن يسألوا بعد أن انهار الاتحاد السوفييتي: هاقد سقط من تقولون إنه كفر؟ فلماذا تذهبون إلى مانهاتن؟ ولماذا لاتذهبون إلى فلسطين؟

ضاع السؤال وضاع الجواب، وضاعت الاستنتاجات كلها..

وسريعاً، مع شعار (الحرب الأمريكية على العالم) بسبب الإرهاب، رحنا نشاهد في مختلف وسائل الإعلام العالمية أبشع الصور والتصريحات تطلق باسم الإسلام، وتحرّض على القتل والذبح والفتنة..

ومن مكان إلى مكان تنقلت الحرب الأمريكية على الإرهاب، ترسم صوراً بشعة عن الإسلام، وتروّجها، وتقول إنها صورة الإرهاب في العالم، وهو غول سيأكل الأخضر واليابس.. إلى أن أعلن الجنرال الأمريكي قبل أيام أن المستهدف هو الإسلام نفسه!

على صفحات التواصل الاجتماعي يتبادل العرب والمسلمون هذه الأيام قصة تاريخية تعود إلى زمن عزة العرب وقوتهم الذي نسميه الآن عصر الحضارة العربية الإسلامية، وتقول القصة إن الخليفة عمر بن عبد العزيز أمر المسلمين قائلاً:

(انثروا القمح على رؤوس الجبال لكي لايقال جاع طير في بلاد المسلمين!)

وكان سبب هذا الأمر أن الطيور قد تجوع وتموت جوعاً عندما تهطل الثلوج، فتغطي الأرض ويختفي أي أثر للحبوب..

هي صورة من صور الإسلام بوصفه رسالة سماوية حضارية إنسانية لاتحمل الظلم ولا الكراهية ولا القتل ولا الموت، بل تحمل العدالة والرفاهية والتسامح والأخلاق الحميدة..

جميل جداً هذا التداول للحكاية، لأنها قادرة على الرد على كل ما رسمته السياسة الأمريكية عبر إرهاب يحصل الآن ويرفع أصحابه راية الإسلام، وعلى كل اتهام للحضارة العربية الإسلامية بأنها لا تقدم إلا الذبح والقتل..

انتبهوا.. الإسلام هو التسامح والعدالة والحضارة!

العدد 1140 - 22/01/2025