مسرح المعرض! فيروز الشابة في الثمانين..
هل تذكرون مسرح المعرض؟
أنا لم أنس معرض دمشق الدولي أواخر الصيف آن الكرم يعتصر حتى أنسى مسرح المعرض!!
لم أنس شلالات مياه بردى وهي تستحم بألوان الأضواء الزرقاء والخضراء والصفراء والحمراء على طول مدينة المعرض.. كان كل شيء جميلاً حتى العلامات الفارقة للمكان.. أتذكرها، ونحن نضرب المواعيد مع الأصدقاء:
نلتقي عند الباب الأول.. أو الثاني.. لا.. لا عند الباب الثالث، ومن هناك ندخل مباشرة إلى مسرح المعرض!
هكذا كانت المواعيد في ذاكرة المعرض..
عندما كانت دمشق عاصمة للثقافة العربية قبل نحو عقد من الزمن.. اختلفت مع أحد الأصدقاء حول طبيعة الاحتفالية، وكتبت عن ذلك، وكنت أتوقع أن يظهر أبو خليل القباني بين الناس، أما صديقي فكان يفهم الثقافة تماهياً مع العصر لذلك امتدح شكل الحداثة في الاحتفالية!..
ها نحن الآن بلا معرض دمشق الدولي، وأنا أعرف جيداً مدينة المعارض على طريق المطار التي حلّت محل المعرض.. إنها لن تستطيع أن تساوي جزءاً من ألف من جمالية المعرض القديم..
هذه ليست نوستالجيا!!..
المعرض جزء من ذاكرة المدينة، كما النهر..
ولأنه ضاع، صار سهلاً أن يضيع مسرح المعرض، فمن يسرق منا الذاكرة والروح؟ لأن مسرح المعرض جزء من الذاكرة الدمشقية أيضاً، وهي ذاكرة تظهر في عمقها الحضاري القريب كل القامات العربية والسورية الفنية والثقافية والفكرية، ولأن المسافة التي تفصل بيننا وبين مسرح المعرض هي مجرد أمتار قليلة، فمازلت أسمع صوت فيروز رغم مرور زمن طويل على حضوري مسرحيتها وأنا مازلت في مقتبل العمل، ولذلك سمعت قبل أيام تنهيدات مسرح المعرض، وأنا أسمع كل الإذاعات وهي تحتفل بعيد ميلاد فيروز الثمانين.. ماذا تعني فيروز بالنسبة لنا؟
هل هي صاحبة الصوت المخملي؟ أم هي مالكة الصباح في بلادنا إذ تعيد تسجيلاتها كل المحطات، وكأنها كأس حليب روحي صباحي لمن يود أن يقول للعالم الذي هو فيه: صباح الخير..
تعني أحد مفاتيح الذاكرة..
صباح الخير يافيروز..
أعرف جيداً أنك لاتحبين الظهور أمام الكاميرات.. لأن لاشيء يستحق الشهرة إذا لم تنم ريما هادئة مطمئنة بين يدي ملائكة الله التي كانت تحفظ أوطاننا إلا منا!
صباح الخير يامسرح المعرض..
صباح الخير أيها المعرض..
أسمع فيروز، وأدندن (شآم أهلوك..) اسم لمدينة على حافة المجد!