المؤتمر العاشر للجبهة الوطنية التقدمية خطوة هامة في الاتجاه الصحيح

 كتب بشار المنيّر:

 في أجواء مفعمة بروح التحدي، والصمود، بعد تصدي جيش سورية الوطني الباسل للعدوان الثلاثي الغادر، انعقد المؤتمر السنوي العاشر للجبهة الوطنية التقدمية في سورية، وذلك يومي 18-19 نيسان في مجمع صحارى بدمشق.

حضر الافتتاح، وجلسات المؤتمر التي توزعت على اللجان السياسية والاقتصادية والتنظيمية، أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ورئيس مجلس الشعب، وأعضاء القيادة المركزية للجبهة، ورئيس الحكومة والوزراء، وأعضاء المكاتب السياسية لأحزاب الجبهة، وأعضاء فروع الجبهة في المحافظات.

ومثّل السيد الرئيس بشار الأسد في حضور المؤتمر الرفيق المهندس هلال الهلال (الأمين القطري المساعد للحزب)، الذي نقل لأعضاء المؤتمر ومن خلالهم لجماهير أحزاب الجبهة وجميع فئات الشعب تحيات القائد الأسد.

الهلال: الجبهة تؤمن بالوحدة الوطنية في التعدّد لا في التفرد

وقال الرفيق هلال الهلال: هذا المؤتمر ينعقد بالتزامن مع احتفالات جماهير شعبنا بذكرى الجلاء، الذي توّج ثورة السوريين ومقاومتهم للمستعمر الفرنسي، والفشل المدوي للعدوان الأمريكي والفرنسي والبريطاني، حيث لقن جيشنا الباسل وشعبنا العظيم مرتكبي العدوان درساً بليغاً لن ينسوه أبداً.

وشدد الرفيق الهلال على أن التجربة الجبهوية الرائدة في سورية، والتي يزيد عمرها عن خمسة وأربعين عاماً، وصلت إلى مرحلة من النضوج، وهي تتطلّب المتابعة والتطوير نحو مزيد من الارتقاء النوعي، وقال: إن نضوج التجربة الجبهوية، هو بحد ذاته عامل مهم يدفعنا لتحمّل مسؤولياتنا كاملة، تجاه شعب من أعظم الشعوب، وتجاه أمة عربية لا يمكن إلا أن تستعيد مجدها مهما كبرت التحديات، مادام في صدرها قلب ينبض بالعروبة، كما يقع على عاتقنا كممثلين للقوى الشعبية مسؤوليات ومهام نوعية تتطلّب مستوى عالياً من ثقافة المبادرة والعمل الجاد في كل الجوانب. ونبّه الرفيق الهلال إلى أن حزب البعث العربي الاشتراكي، بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد، حينما بادر بإنشاء الجبهة، لم يكن يفكر بحلول مؤقتة أو استثنائية، بل كان توجهه الجبهوي يستند إلى نظريته وعقيدته الوطنية والقومية، التي تعتبر التشارك مع غيره من الأحزاب والقوى عنصراً أساسياً في فهمه لتعددية الواقع ولتعددية البنى الشعبية. وتابع الأمين القطري للحزب السيد الرئيس بشار الأسد العمل على إنجاح هذه العملية التكاملية البنيوية.

وأشار الرفيق الهلال إلى أن الجبهة مفتوحة أمام الجميع، وهي ستبقى قابلة للتطوير أفقياً وعمودياً، من حيث عدد المؤتلفين فيها، وفي صيغ عملها وأدائها، لأن هذه الجبهة تؤمن بالوحدة الوطنية في التعدّد لا في التفرد. وتابع: إن أحزاب الجبهة جميعاً كانت مثلاً في التمسّك بأسلوب العمل الجماعي، وكان لها دور هام في رسم معالم الانتصار على أعتى قوى الاستعمار، التي أدركت فشلها في مرحلة الوكيل الإرهابي، والهستيريا السياسية والإعلامية العدوانية التي أصيبوا بها دليل على ذلك.

وأضاف الرفيق الهلال: اليوم أمامنا عمل كبير ينتظر في اتجاهات عدة، استكمال الطريق نحو النصر، على رأس هذه الأولويات، ثم هناك المصالحات الوطنية، وإعادة الإعمار، وتعزيز الوحدة الوطنية، مؤكداً أن إعادة إعمار النفوس هو الأهم بالنسبة لنا كأحزاب ونقابات شعبية وقوى مختلفة، لأن مهمتنا إعادة بناء الوعي على أساس تمتين الثقافة الوطنية والقومية وثقافة المقاومة، وتعزيز الشعور الجمعي بالخير العام، وتحفيز الهمم للنهوض الشامل بعد النصر.

الزعبي: أحزاب الجبهة منبر لكل مواطن سوري

ولفت الرفيق عمران الزعبي، نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية، إلى أهمية توقيت هذا الاجتماع بالتزامن مع عيد الجلاء، وبعد تجدّد محاولة قوى الهيمنة والظلام، ممثلة بالولايات المتحدة الأميركية ومن معها، استهداف سورية وإضعافها، منوّهاً بأن انعقاد هذا الاجتماع يأتي تكريساً لمبدأ ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية وقواعدها وروحها ونظامها الأساسي، بهدف التأكيد على دور الجبهة وصيغتها من جهة، ومحتوى نضال أحزابها وحراكهم الوطني الجمعي من جهة أخرى، والذي يتطلع إلى حوار وطني مستمر لا ينقطع أبداً، ويكون بذاته حاملاً لكل متغيّر سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، كما يهدف هذا الحوار الوطني إلى تأصيل مفهوم الدولة الوطنية.

وأضاف الزعبي: لذلك نالت هذه الأحزاب وبسبب من إيديولوجياتها التقدمية واليسارية والقومية والوطنية حصة كبيرة من الدعم والتأييد الشعبي، وشكّلت معاً، وعبر الجبهة، جداراً قوياً وصلباً في التصدي لمفردات الخطاب الرجعي والطائفي والمذهبي والإثني، ونجحت في التصدي للعدوان الصهيوني وللمشاريع التي يحلم العدو بتنفيذها على الأرض السورية.

وأكد أن الجبهة كانت وستبقى مؤسسة سياسية جماهيرية شعبية، وهي ستبقى منبثقة من إرادة السوريين، وتستمد سلطتها من الأسس الشعبية، وعلى هذا الأساس فإن الجبهة ستبقى رافضة لأي مشروع لتقسيم سورية أو تدخل خارجي.

وتابع: إن الشعب السوري، بعد كل هذا الصمود، يستحق من الجميع أفراداً ومؤسسات بذل المزيد من الجهود.

وقال الزعبي: إن الجبهة ترفض مطلقاً أي مس بالدستور السوري النافذ إذا لم يكن مبنياً ومتمخضاً عن إرادة الشعب السوري وفي الداخل السوري وبنقاش السوريين فقط ولا أحد غيرهم.

في اللجنة السياسية

أجاب السيد وليد المعلم عن أسئلة أعضاء اللجنة السياسية، بعد عرض سريع للأحداث، وأكد أن استعادة الغوطة كانت مؤشراً على أننا نسير في العد التنازلي للانتهاء من الأزمة، وحجم القلق الغربي والخليجي الذي جرى قبيل تحرير دوما، عكس أهمية الانتصار الذي تحقق لاحقاً، كما كشف أن قواتنا المسلحة قادرة على أن تحطم أي مجموعة مهما كان التحصين الذي تختبئ وراءه.

ولفت المعلم إلى أن دول العدوان الثلاثي على سورية سارعت لتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن يتضمن من بين ما يتضمنه، العمل على استئناف عملية السلام في جنيف والحديث عن البعد الإنساني، إضافة إلى الموضوع الكيميائي، مبيناً أن هذا المشروع مرفوض لأنه واضح أنه استثمار للعدوان، ويحاول من خلال استخدام القوة أن يفرض على سورية رؤيتهم في الحل السياسي.

وتساءل المعلم عن مستقبل عملية جنيف بعد العدوان الذي جرى على سورية، وأكد أن سورية منذ 2011 تطالب بحل سياسي وبحوار وطني، لكن بعد العدوان (نريد أن نلمس، ما دامت أن العملية تجري بإشراف الأمم المتحدة، ما إن كانت هذه الأمم المتحدة تحترم ميثاقها وتحترم أسس القانون الدولي، وهل المبعوث الأممي يلتزم بدوره كمسهّل في ظل عملية سياسية يقودها الشعب السوري ولا يُفرض عليه من الخارج شيء، هذا الموضوع دقيق جداً وعلينا أن نلمس بالفعل مثل هذه الالتزامات).

وزير الخارجية والمغتربين أكد أن موضوع الدستور هو موضوع سيادي، ولا يمكن أن نسمح للخارج أن يتلاعب به، ولذلك حتى اليوم لم تشكل اللجنة ولن تشكل إلا بإرادة الحكومة السورية، معتبراً أنه من الطبيعي أن تمثل في اللجنة الدستورية معارضات أخرى، لكن اللجنة الدستورية لم تشكل حتى الآن.

اللجنة الاقتصادية

في اللجنة الاقتصادية، أكد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس أن تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين أولوية حكومية من خلال تبنيها رؤية تعتمد على تعزيز القدرات الإنتاجية.

وعرض رئيس الحكومة خلال الجلسة أوليات عمل الحكومة ورؤيتها للنهوض بالواقع الاقتصادي والخطط المستقبلية للتنمية الشاملة في مختلف القطاعات، مضيفاً: إن عملت الحكومة على عناوين هامة في ملفات الصناعة والزراعة والتجارة، ففي الصناعة وُضعت رؤية متطوّرة لإعادة الصناعة إلى أفضل مما كانت عليه، وإعادة إعمار مؤسسات القطاع العام التي جرى تخريبها على يد الإرهاب، كما وُضعت رؤية للنهوض بالقطاع الخاص الصناعي من خلال حزمة من التسهيلات والتشريعات وتأمين مستلزمات الإنتاج، مبيناً أن عدد منشآت القطاع الخاص الصناعي التي عادت للعمل خلال الفترة الماضية بلغ 14 ألف منشأة في المناطق الصناعية بالمحافظات، وجرى إطلاق 17 منطقة للصناعات الحرفية والمحلية تتناسب وفق خصوصية كل منطقة، وبلغ حجم مستوردات مستلزمات الإنتاج الصناعي للقطاع الخاص في العام الفائت 3 مليارات و360 مليون ليرة سورية مقارنة مع 1 مليار و670 مليون في العام 2015 وشكلت المواد الأولية اللازمة للإنتاج نسبة 80 بالمئة من حجم المستوردات.

وفي ملف التجارة بين المهندس خميس أن الحكومة عملت على معالجة واقع إجازات الاستيراد لتصب في المصلحة الوطنية، وبلغت قيمة الصادرات عام 2015 نحو 574 مليون دولار، وفي عام 2016 بلغت 629 مليون دولار، وعام 2017 بلغت 700 مليون دولار، وزادت رقعة انتشار الصادرات من 80 دولة عام 2016 إلى 105 دول عام 2017 كما جرى في عام 2017 دعم عشرة معارض داخلية وخارجية.

وحول رؤية الحكومة للمستقبل بيّن المهندس خميس أن الحكومة تعمل حالياً وفق عدة استراتيجيات مستقبلية لتكون أساس عمل الحكومة خلال المرحلة القادمة، وهي المشروع الوطني للإصلاح الإداري، ومشروع سورية ما بعد الحرب، الذي يتكون من خمسة محاور أساسية تعنى بالبناء المؤسسي ومكافحة الفساد ومحور تطوير البنى التحتية، ومحور النمو والتنمية المتوازنة والمستدامة والتنمية الإنسانية، والحوار الوطني، إضافة إلى البرامج عبر الوزارية التي تتكون من 30 مشروعاً على المستوى الكلي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية، وبرامج ورؤى الوزارات، ولفت إلى أن الحكومة عملت على معالجة عدد من الملفات النوعية تتضمن معالجة واقع القروض المتعثرة، وبلغت قيمة المبالغ المحصلة حتى الآن 115 مليار ليرة سورية من أصل 286 مليار إضافة إلى تحصيل 25 مليار ليرة نتيجة إعادة تقييم بدلات استثمار أملاك الدولة.

تركزت مداخلات أعضاء اللجنة على ضرورة تشجيع الإنتاج الوطني، وتخفيض كلف الإنتاج من خلال تخفيض أسعار حوامل الطاقة، كما دعت إلى ضرورة تشميل العمال المتقاعدين بالتأمين الصحي، وزيادة الاهتمام بأسر الشهداء والطبقة العاملة، وتأمين المزيد من فرص العمل لهم والاعتماد على شركات القطاع العام في مرحلة الإعمار.

ولفتت المداخلات إلى أهمية تشجيع الاستثمارات المحلية والخارجية، ودعم مؤسسات القطاع العام بالكوادر الفنية والمعدات والسيارات، وتوسيع مرفأ طرطوس ليأخذ دوره خلال مرحلة إعادة الإعمار، وكذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تصريف كامل إنتاج الساحل من الحمضيات، والتأكيد على دور الدولة التنموي، وتأمين فرص العمل لمواجهة البطالة، وطالبت بالعمل على مكافحة التهرب الضريبي والاحتكار.

 

في اليوم الثاني للمؤتمر، تبنى الجميع البيان الختامي، ونوه الحضور بالدور البارز الذي لعبه الرفيق عمران الزعبي نائب رئيس الجبهة في عقد هذا المؤتمر وإنجاحه، وأثنوا على الجهود التي بذلها العاملون في الجبهة ولجانها، وتمنّوا استمرار عقد هذه المؤتمرات التي تصب أخيراً في زيادة تلاحم القوى الوطنية، وتؤسس لتحالف أوسع فأوسع بين جميع المكونات السياسية الوطنية، بهدف التوافق على مستقبل سورية الواعد الذي يطمح إليه السوريون جميعاً.

العدد 1140 - 22/01/2025