سؤال خبيث
على الرغم من أن معظم الموظفين هناك، يعرفونني: معرفة شخصية.. بالاسم أو بالوجه، وذلك بحكم استكتابي في الجريدة وترددي إليها، فقد أخذ عامل الاستعلامات هويتي وسلمني بطاقة زيارة مسجل فيها الجهة التي أقصدها.
أثناء توجهي إلى غرفة المحاسب، كنت أحدث نفسي قائلاً: ليس القيام بتلك الإجراءات إلا من باب الحرص على المصلحة العامة. والحرص واجب على الجميع، خاصة في ظروفنا الراهنة. وإذا كان (الحُكْم ملح الأرض) مثلما يقال، فالقانون هو منجم ذلك الملح ومنبعه.
بعدما ملأتْ مكافأة الاستكتاب زاوية جيبي (ما يشهد بتقدير أُولي الأمر عندنا الكتابة والكتّاب) وملأ توقيع المحاسب زاوية البطاقة (ما يشهد على زيارتي له) وَسْوَسَتْ لي نفسي والحاجة، بالمرور إلى دورة المياه.
وما هي إلا لحظات (ومن دون شور ولا دستور) حتى وجدتني أحثُّ الخُطا إلى ال c.w الذي حالت بيني وبينه كفّ أحدهم، لتشدني من الخلف ويدعوني صاحبها إلى مكتب (معاون المدير العام)، حيث بُلّغت أنني ضُبطت أسير مسرعاً في الكوريدور صوب مكانٍ آخر بالطبع غير مكتب المحاسب (المكان المصرّح لي بزيارته).
لذا يُطلب منّي ألاّ أعود إلى مثل تلك الفعلة ثانية. فالمكان هنا مراقب بالمصوِّرة (آلة التصوير) من جميع مداخله ومخارجه، ولا مجال لأي اختراق أو استراق أو (مَهْيصة).
أثناء مغادرتي مبنى الجريدة، متأبطاً كتبي وجرائد الحكومة وهموم عيشي. تلجلج في خاطري سؤال (خبيث) يقول الشطر الأخير منه:
يا هل ترى.. لو كانت عيون رقابة المسؤولين عندنا ساهرة، وعيون ضمائرهم يقظة مثلما هو الحال في (جريدتنا الغراء)، هل كان حصل في وطننا ما حصل؟!