الحرب والحلم

هل (الحرب تطهر النفوس)؟!
كم كنت أكره الرتابة، والموت البطيء لحلمي؟، ولطالما كنت أحلم في الماضي البعيد بحدث ما يخرجني من صمتي الباهت والمميت، ويخرجني من الرتابة والسكون الممل، سكون بات يزعجني إلى حد القرف، سكون أصمَّ أذني وبتر لساني وفقأ عيني، سكون صهر سرب أحلامي في بوتقة واحدة، وبحلم أوحد ووحي صار لي أشبه بالمهنة اليومية.

صرت كل يوم أتمدد مثل الميت أحلم بموت طفل يحرك فيَّ زاوية من حجرة الذاكرة، أو صوت رصاصة طائشة من مجنون يتركني مذعوراً، أو حتى بحادث سير مروع يجدد دورتي الدموية، أو بسقوط شاعر ما يُرجع لقلبي نبضه الطبيعي، أو بطيران رغيف يحرّض لساني على التلمض، وجوعي إلى الصيد، وكنت أحلم بكسر حلمي بشكل كارثي كلوحة فسيفساء تتشظى لتحرضني صنع لوحة (جيرونيكا) جديدة.

وعلى حين فجأة انفجر الحلم… تكسر، تناثر، … فنهضتُ، وقد تجدد فيّ كل شيء، أجمع الآن قطع الفسيفساء: حياة جديدة، لوحة جديدة، لم أجد الفسيفساء، فقط وجدت الشظايا، شظايا أطفال، شظايا رجال، نساء، عصافير، نوافذ، بيوت، شظايا الحلم، والأغنية، الحياة… رصاص، رصاص، رصاص، قتل، رحيل، بكاء حلو، ضحك مر، دخان، هروب، نار، نار، دماء، دماء، ….وماء،

كيف أجمع قطع الفسيفساء؟، أقصد كيف أجمع الشظايا التائهة والقطع غير المتناسقة، والعمياء؟ كيف أعيدها إلى أمها؟، كيف الهروب إلى نفسي إلى حلمي القديم، وإلى مهنتي؟

أرجوكم أعيدوني إلى هدوئي المميت، وبلا حادث أليم.

العدد 1140 - 22/01/2025