أهازيجٌ نامت ليلة العيد!
جاء العيد!
كما كلّ عام بُعَيدَ تاريخ 2011 يأتينا العيد كما يأتي أيّ يوم وربما أقسى!
لم تكفكف تلك الأعياد دموع الناس، فكلّ عامٍ يهلّ جالباً معه أكياساً مملوءة بغصات تُلعثم أصحابها!
منذ ذاك التاريخ المشؤوم والعيد حزين يرتدي ثوباً أسوداً، فبعدما كان يأتينا بالفرح، عاد الآن وكأنه جاء ليستردّه منّا..
فما حال أمٍّ طرق بابها أحد الأعياد ولأول مرة يكون أحد أبنائها فقيد هذا العيد، ويدخل ليقبل كلّ أولادها إلا هو!؟
وما ذنب أرملة أتى عيدٌ ليعزّيها بترح زوجها وربما أطفالها أيضاً!؟
كيف سيمضي ذاك العيد على أسرة منكوبة سوّي بالأرض بيتها وفارق استقرارها الحياة!؟
ستكون الأعياد مظلمة، ستمرّ على قبور الشهداء لتزرع وردة لن تحيا من بعدهم..
ستذكّر الأمّهات بنكساتهم العظمى!!
سيأتي هذا العيد آخذاً ما كان من بسمات، مُسكتاً ماكان من ضحكات ومُدرّاً ما أصبح من دمعات!!!
حينما كنّا صغاراً كان العيد يلعب معنا في أزقّة الحارات، فنرسم معه على الأرض، ولا نسمع إلاّ زقزقات العصافير صباحاً، وضجيج الناس باقي الأوقات، وألعاباً نارية تتموّج بها الأجواء وتفرح فيها كل الناس..لم نكُ نشمّ وقتها إلاّ دخان تلك المفرقعات، وسواها من ملوثات الهواء ودخان السيارات!
كان همنا الأكبر هو أن يأتي العيد ولو دون ثياب جديدة، أو توقع بُعد الأقارب عنّا!
لم نصرخ إلا لهواً و لم نبكِ إلا فرحاً لإحدى تلك المفاجآت العائلية الجميلة..
كان تاريخ 15آذار عام 2011 الحلقة الأخيرة لذاك السيناريو البسيط الذي عاشه الشعب السوري بقليل من الرضا الذي كان يفرحنا لو بحدٍّ أدنى على أية حال!
كبرنا نحن الصغار صحونا على تطبيقات فيلمٍ بشع!
لم تعد تضجّ آذاننا بأصوات المفرقعات التي عهدناها، سطت عليها القنابل والصواريخ، وقمعت رائحة الدم رائحة ياسميننا!
وبُحّ صوت تلك العصافير وانهدم العش الذي عُمّر سنيناً فوق بيتنا…!!
بدلنا طباشيرنا التي كنا نرسم بها أرضاً لتصبح دماءنا..
غصّ الأوكسجين بأرواحنا التي انشقّت عن الأرض، هجرنا وطننا وزيّنت جثثنا الأعياد كلّها..
يا أهلنا بلسان كل من كان المتضرر بالدرجة الأولى بهذه الحرب..
نعتذر على غصاتكم بسببنا، على شهقاتكم في غيابنا..
انسوا العيد من بعدنا لربما تنسوا مرارة فراقنا..
جاملوا العيد إن استطعتم وابتسموا..
و إن لم تقدروا..
دعوا الأهازيج إذاً.. تنام باكراً ليلة العيد..!