مُشعلو الحروب لن يكونوا أبداً رُسلاً من أجل السلام
كتب رئيس التحرير:
(تحدّث المستر جيفرسون كابري سفير أمريكا في مصر إلى بعض رجال السلك السياسي الأجنبي فقال: إن أمريكا زائرٌ جديد للشرق الأوسط، وهي حريصة على ألا تكون كالزائر البريطاني والفرنسي، بل هي مصمّمة على أن تغدو زائراً صديقاً بكلّ ما تملكه الكلمتان من معانٍ)_ أيلول (سبتمبر) 1953- مجلة (أكتوبر) المصرية، العدد 1402 لعام 2003 .
(زائر.. وصديق).. أمّا ما تحتمله هاتان الكلمتان من معانٍ فهي بليغة.. بليغة:
تدخّلٌ في شؤون هذا البلد أو ذاك، دعم عسكري ومالي لكيان عنصري دموي، حصار وغطرسة وفرض لقوانين قراقوشية، وأخيراً وليس آخراً عدوان واحتلال، وديمقراطية مزعومة موجّهة بصواريخ (توماهوك)، أمّا المعاني الأخرى لهاتين الكلمتين، المعاني الحقيقية للـ(زائر) وللـ(صديق)، فلا نعلم عنها شيئاً، لأننا لم نلمس ولم نشهد، على مدى عشرات السنين، ومع تعاقب الإدارات الأمريكية، من الحزبين (الديمقراطي) و(الجمهوري)، ما يدلّ عليها!
مَن منكم يتذكّر وساطةً أمريكية صادقة، من أجل إحلال السلام في أيّ بؤرة مشتعلة في أرجاء العالم؟!
نقول قولنا هذا.. ونذكِّر من كانت ذاكرته ضعيفة.. أو مَن يتعمّد النسيان، فمشعلو الحروب لا يمكنهم التوسّط لإحلال السلام، بل هم يتوسّطون بهدف تخفيف أعبائهم في التفاوض على فرض شروط الاستسلام، في مواجهة الشعوب التي تناضل من أجل مواجهة الاستباحة والهيمنة وسرقة الأرض والموارد، وهذا ما فعلته الإدارات الأمريكية منذ خمسينيات القرن الماضي في مواجهة المدّ التحرري الوطني للشعوب العربية، وجميع الشعوب الطامحة للحرية في جميع أنحاء العالم.
(بلينكن) يعلن (ولأسباب تتعلق بالحملة الانتخابية في الولايات المتحدة، ومحاولة تبييض صفحة الديمقراطيين) أن 90% من الاتفاق بين حماس والكيان الفاشي الصهيوني قد أُنجزت! في الوقت الذي تحرق فيه القوات الصهيونية المدجّجة بالسلاح الأمريكي ما بقي من غزة، وتتمدّد وتوسّع عدوانها على الضفة الغربية.. بل هي تحشد وتعمل من أجل تنفيذ مخطّطها: إشعال حرب إقليمية تمهيداً لدخول حليفها (الإطفائي) الأمريكي فيها، بهدف فرض شروط الاستسلام، لا على الشعب الفلسطيني وحده.. بل على شعوب المنطقة برمّتها.
في تاريخنا المعاصر، واجه الأمريكيون في سعيهم للهيمنة على شعوب العالم نمطين اثنين من السلوك:
الأول هو قبول الشروط الأمريكية من قبل زعماء فرضتهم الإدارة الأمريكية، وتحوّل بلدانهم إلى بيادق على رقعة الشطرنج الأمريكية.
الثاني هو المواجهة ومقاومة الأمريكيين، في البلدان المدافعة عن سيادتها في مواجهة الهيمنة.
فأيُّ واهم يعتقد اليوم أن الأمريكيين يمكن أن يتحولوا بين ليلة وضحاها إلى رُسل سلام، وأن يسعوا إلى وقف الحرب الصهيونية الفاشية التي يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة؟!
أمام الشعب الفلسطيني المقاوم، والشعوب العربية المهدّدة، طريقٌ واحد لهزيمة العنصرية الصهيونية ومحاولات الهيمنة الأمريكية، طريقٌ سارت عليه قبلنا شعوبٌ ودولٌ كثيرة، مثالها الأبرز فيتنام، إنه طريق المواجهة، وعدم الاستسلام لأوهام تحوّل الذئب إلى صديق.
والنصر دائماً للشعوب المناضلة.