العمل الإنساني شعلة من نور في فضاء من السواد القاتم
د. عبادة دعدوش:
في عالم مُتقلّب يتعرّض للكثير من التحديات، من حروب وكوارث طبيعية إلى أزمات اقتصادية واجتماعية، يبرز دور العمل الإنساني كشعلة أمل تُنير دروب المعاناة وتُخفّف من وطأتها. فالعمل الإنساني أكثر من مجرّد نشاط خير أو مسعى نبيل، إنه قوة تغييرية تساهم في إعادة بناء المجتمعات وترميم النسيج الاجتماعي.
لا تقتصر أهمية العمل الإنساني على إنقاذ الأرواح وتقديم المساعدات الطبية والغذائية كما هو متعارف عليه، بل تكمن أهميته في بناء المجتمعات من خلال دعم المشاريع التنموية والريادية التي تساهم في تحسين ظروف الحياة وتُحقّق الاستقرار. كما تكمن أيضاً في بناء الروح الإنسانية الحقيقية، فالعمل الإنساني معمار الروح الإنسانية.
عندما تحلُّ الكوارث أو الحروب، يتحول العمل الإنساني إلى شبكة من العلاقات الإنسانية التي تربط بين الأفراد والجماعات. هذه الشبكة تعمل على تقوية المجتمعات من الداخل، وتُعيد بناء الروابط التي تحطّمت تحت وطأة الكارثة. من خلال العمل الإنساني، يُعاد تشكيل المجتمعات على أساس من التعاطف والتعاون، ممّا يؤدي إلى خلق مجتمعات أكثر قوة وتماسكاً في مواجهة التحديات المستقبلية.
العمل الإنساني كرافعة للتغيير الاجتماعي:
في الكثير من الأحيان، تؤدي الكوارث إلى كشف النقاب عن هشاشة الهياكل الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات. هنا يظهر العمل الإنساني كرافعة للتغيير الاجتماعي، إذ يُمكن استخدام هذه الكوارث كنقطة انطلاق لإصلاح النظام الاجتماعي وبناء مجتمعات أكثر عدالة واستدامة. فمن خلال توفير الفرص للتعليم والتدريب المهني، يمكن للعمل الإنساني أن يُسهم في تحويل الأفراد من مُتلقّين للمساعدة إلى مشاركين فاعلين في بناء مجتمعاتهم.
حُدّد يوم 19 آب من كل عام، كي يحتفل العالم بيوم العمل الإنساني العالمي، تخليداً لذكرى جميع العاملين في المجال الإنساني الذين يقدمون خدماتهم بكل شجاعة وإخلاص. يهدف هذا اليوم إلى تسليط الضوء على أهمية العمل الإنساني، وحثّ الناس على المشاركة في تقديم المساعدة لمن هم في حاجة إليها، ودعم منظمات العمل الإنساني.
لذا، يُمكننا القول إن العمل الإنساني بمثابة شعلة أمل ونور في ظلام المعاناة. فكلّ فرد قادر على أن يُساهم في هذه المهمة النبيلة من خلال التطوّع أو التبرّع، أو حتى من خلال نشر الوعي بأهمية العمل الإنساني. فلنعمل جميعاً على بناء عالمٍ أكثر عدلاً وسلاماً، يلتقي فيه البشر على أرضية الإنسانية المشتركة!