حمص العديّة.. سبعة مصادر تلوث خطيرة

فادي إلياس نصار:

إضافةً إلى التلوث الشديد الذي تسبّبه وسائل النقل في سائر مدينة حمص، التي كانت سابقاً تلقّب بحمص العدية (نسبة الى مياهها العذبة الوافرة)، تعاني المدينة اليوم، بل المحافظة ككل، من كل أنواع التلوث، حتى تكاد أن تكون الأولى لناحية تعرّضها للتلوث على مستوى سورية، والمصادر التي تسبب ذلك التلوث، كثيرة نذكر منها: مصفاة حمص، شركة السكر، شركة الوليد للغزل والنسيج، الشركة العامة لعصير العنب في زيدل، شركة ألبان حمص، الشركة العامة للغزل والنسيج والصباغة، إضافة إلى الشركة العامة لصناعة الأسمدة.. وغيرها كثير. ‏

 

مصفاة حمص

تعد المصفاةُ الملوّثَ الأكبر والأخطر لكل مدينة حمص وريفها الشرقي والجنوبي، فإضافة إلى الغبار والمواد الهيدروكربونية المنطلقة منها، هناك غازات أخرى أكثر سمّيةً مثل أول أكسيد الكربون وحمض الكبريت، وتلعب الفضلات الصلبة الصادرة عن المصفاة دوراً أساسياً في تلوث المياه والتراب في حمص، فالفحم الناتج عن وحدة التفحيم يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، ومن بين الملوثات نذكر نواتج تنظيف الخزانات والزيوت المستهلكة، وأسطوانات مستعملة لبعض المواد مثل (الكلور  CLوالأمونياNH3 ‏).

فيما يتلوث الهواء نتيجة لتسرب أبخرة بعض المواد العضوية الطيارة (كالبنزين تولونين  C7H8)، ويطلق عليه باللغة العامية (التنر) ويستخدم لإذابة الدهانات، و(ميتيل البنزين C6H5-CH3)، وتسرب بعض الغازات من الصمامات والمضخات والضواغط، كذلك انتشار روائح واخزة من الأحواض المكشوفة المخصصة لفصل الزيت عن الماء.

وتسبب أكاسيد الآزوت NOx التهاباً في أنسجة الرئة، واستنشاقها لفترات طويلة يسبب شلل الجملة العصبية. في حين أن أكاسيد الكبريت تسبب تخرشاً للأغشية المخاطية وفي حال ازدياد تركيزه يخرش جهاز التنفس. ‏

 

‏ثلاثة معامل للأسمدة!! ‏

تنتج الشركة العامة للأسمدة (مجموعة من ثلاثة معامل) العديد من الملوثات، أهمها: حمض الكبريت، الذي يساعد على تكوين أمطار حامضية، وهذه تؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية، كذلك تنفث مداخنه حمض الفوسفوريك المستخدم بشكل أساسي في صناعة الأسمدة الكيميائية، والذي يؤدي حتماً إلى الشيخوخة المبكرة، ضمور العضلات والعقم، ويسبب بعض أنواع السرطانات.

أضف إليها غازات أخرى مثل الفلور (يتراكم الفلور في النبات وينتقل إلى الإنسان عبر الهواء والغذاء)، وأكاسيد الأزوت، فيما تلوث المياه الحامضية التي تنتج من المعمل التربة والمياه الجوفية، فتحرق كل شكل من أشكال الحياة النباتية، وتجعل من المستحيل استمرار التنوع البيئي في محيط الشركة (مدينة قطينة نموذجاً وسأتناول موضوع بحيرة قطينة بالتفصيل)‏.

 

السكر القاتل!

وفيما يتعلق بشركة سكر حمص، ‏تعد الغازات السامة كأكسيد الكربون، الناتجة عن احتراق الفيول في قسم المراجل، من أهم الملوثات التي ينتجها المعمل، عدا السوائل الكيميائية الملوثة للتربة والمياه الجوفية.

 

مصادر أخرى

تساهم مجابل الإسفلت، التي تنتج عنها أنواع من الغازات أهمها أكاسيد الآزوت وأكاسيد الكربون، ومخلفات سائلة وصلبة تنتج عن منشآت قص وجلي الرخام والبلاط (مادة الأسيد)، في تلوث المياه الجوفية والتربة في حمص، كما تساهم مئات آلاف الاطنان من النفايات المنزلية (الصلبة والسائلة)، بتلوث التربة والمياه بشكل صارخ.

 

الألبان شريك في الجريمة

يعتبر معمل الألبان والأجبان، مساهم أساسي في تلوث التربة والمياه الجوفية، إذ تؤدي مخلفاته إلى تملح التربة وموت الأشجار في محيط المعمل.‏

معاصر الزيتون.. أيضاً

تنتشر معاصر الزيتون بشكل عشوائي، في كل مناطق زراعة الزيتون، وهي كثيرة في أرياف حمص، ومن الملوثات الناجمة عن معاصر الزيتون، إلى جانب المخلفات الصلبة (البيرين)، مياه (الجفت) وهي مياه شديدة التلوث بالمركبات العضوية، فضلاً عن المياه العادمة الناتجة عن شبكة الصرف الصحي القديمة والكبيرة جداً والتي يصب معظمها في نهر العاصي، وتعاني معظم محطات تصفية المياه المالحة من صعوبات كبيرة.

رغم كل الجهود التي تبذلها المؤسسات في محافظة حمص، إلا أن التلوث ما يزال على أشده وتزداد كثافته في بعض المناطق، علماً أن الدولة السورية كانت في فترة ما قبل الحرب قد وقعت عقوداً مع منظمات البيئة العالمية، ومنها منظمة الصحة العالمية WHO، إلا أن الحرب حدّت من استمرار تلك المشاريع. فهل ستعاود تلك المنظمات، في فترة ما بعد الحرب، العمل بهذه المشاريع سعياً منها لإعادة اللون الأخضر والاسم الجميل لــ(حمص العدية)؟

من يعِش يرَ!

العدد 1104 - 24/4/2024