لم يمُت الشرق بداخلي!

حاوره – طلال الامام:

على هامش زيارته للسويد، بدعوة من هيئة رعاية شؤون الفنانين، التقيناه في دار الثقافة في العاصمة السويدية ستوكهولم واجرينا معه هذا اللقاء.. الحديث يدور هنا عن الفنان المتعدد المواهب فصيح كيسو، سوري مقيم في أستراليا.

  • سألناه: من هو فصيح؟

أجاب بابتسامة:

+ بكل بساطة أنا إنسان يحاول تحقيق ما بداخله، شيء يلح عليّ لإخراجه انطلاقاً من تجربة حياتية، أحاول تحقيقه بالصورة، اللون، قطعة القماش، بقايا حانوت مدمر بفعل الحرب، وجوه بشر أعيش بينهم …الخ.

  • ولمن تكتب أو تتوجه؟

+ في البداية كنت أكتب لنفسي لمنفعة بصرية وفكرية أراها جديرة.. بعد أن صار عندي جمهور ومتابعون، صرت أفكر بالجمهور.. بما أن جمهوري متنوع، صرت أجرّب مختلف التقنيات: قماش، لون، صورة، أستخدم الكومبيوتر والتقنيات الحديثة لتحقيق فكرة تلح عليّ. أحب التجريب كثيراً، أبدأ بخطوة دون معرفة تامة بما ستؤول إليه. يختار الفنان أدواته مثلاً عندما استخدم حواسي باللون تصبح المتعة أكبر وأوسع. ولأني أحب التجريب اشتغلت مثلاً فترة مع المسرح التجريبي في لبنان.

  • ما الصعوبات التي واجهتك كفنان مهاجر من ثقافة شرقية إلى ثقافة مختلفة بكل شيء، وماذا عن الاندماج في المجتمع الجديد؟

أجاب فوراً:

+ إذا كنت لا تندمج أو لا تعمل للاندماج في المجتمع الجديد فإنك لن تتطور. عملت في لبنان مصوراً، بعد انتقالي إلى أستراليا اكتشفت أن ما كنت أقوم به في لبنان تخطّاه الغرب /أستراليا.. لذلك عملت على أن أكتشف المجتمع الجديد بكل تفاصيله وسعيت كي آخذ منه كل جديد يؤدّي لتطويري، هذا لا يعني أن تقلّده بشكل أعمى في كل شيء.. لابد لك من الحفاظ على خصوصيتك الشرقية مع استخدام أدوات جديدة.. المهم أن تقدم للمجتمع الجديد ثقافتك التي حملتها على منكبيك، وتسعى لإقامة جسور بين الثقافتين، وهذا يتطلب معرفة مفاتيح المجتمع الجديد وأدواته، من أجل أن تتطور للأمام.. كي لا تبقى أسير ثقافتك القديمة التي تعيق تطورك وتكرّر ذاتك، وهذا بداية الموت الفني.

سألناه عن ظاهرة تتجلى في أن بعض الفنانين الذين ينتقلون من الشرق إلى الغرب لا يريدون أو لا يعملون للاندماج بالمجتمع الجديد، مدّعين أنهم يحافظون على التراث، مستمرّين في تقديم أعمالهم كما لو أنهم في وطنهم الاول؟

أجاب الفنان فصيح: للأسف، أغلب الفنانين القادمين من الشرق يفكرون في المال فقط، إضافة إلى ذلك أعتقد أن الفن والمال لا يلتقيان.. يجب على من ينتقل إلى مجتمع جديد بذل جهد كي يطور ذاته وأدواته.. الانتقال من مجتمع إلى آخر ومتابعة التطور يحتاج إلى جهد كبير لكل فنان يحمل فكر.. الفن بجميع أشكاله هو فكرة تحتاج إلى التعبير عنها بالموسيقا، باللون، بالريشة أو بالكلمة… لابد من التبادل الثقافي بين المهاجر وبلد الهجرة.. تجولت في بلاد مختلفة بين الشرق والغرب واقمت فعاليات في مختلف البلدان في جميع أعمالي باللون، الصورة، التقنيات البصرية

الحركة والكلمة دوماً يمكن أن تلمس شرقيتي التي أسعى لتطويرها عبر الاندماج في الثقافات الاخرى… بكلمة الشرق لم يمت بداخلي.

كان لقاءً مميزاً لفنان مميز بسيط، متواضع، مثقف رغم إبداعاته.

شكرا للفنان المتعدد المواهب فصيح كيسو على هذا اللقاء. أشعر أنه مهما كانت المقابلة طويلة لن تكفي لإلقاء الضوء بشكل واسع على شخصيته وإبداعاته، لذلك أرجو ممن يريد معرفة المزيد عن فناننا أن يبحث في غوغل عنه يكفي كتابة اسمه فصيح كيسو Fassih Kiso .

ادناه بعض الصور لاعمال فناننا .

 

العدد 1105 - 01/5/2024