تجميع السيارات وتصديرها

فؤاد اللحــــام:

بعد قرابة أربع سنوات من وقف استيراد جميع المكونات المستخدمة في تجميع السيارات من قبل الشركات المتخصصة، وافقت الحكومة مؤخراً على السماح للشركات العاملة في هذا المجال والتي تضم ثلاث صالات وتعمل بنظام (CKD) باستئناف العمل من جديد وإدخال مكونات بقصد الإدخال المؤقت للتصنيع وإعادة التصدير أو لوضعها في الاستهلاك المحلي. وقد ترافق هذا القرار بتصريحات رسمية تشير إلى شرط أن تصل نسبة مساهمة الشركة بالتصنيع وتجميع مكونات السيارات إلى 40 بالمئة، والسماح لشركات إنتاج وتصنيع السيارات في سورية بيع 10 % من طاقتها الإنتاجية للسوق المحلية على أن يتم تصدير 90% من هذه الطاقة المسموح بها خارج القطر.

ومن جديد، وكما في كل مرة، أثار هذا القرار تساؤلات عديدة حول عمق الدراسة المطلوبة وجدّيّتها – ان تمت بالشكل المطلوب – قبل اتخاذه، والجوانب والتأثيرات المختلفة التي ستنجم عن هذا القرار، وما هي الأهداف المرجوة منه ومدى تحقيقها؟ من بين هذه التساؤلات – وليس جميعها طبعاً – ما يلي:

إذا كانت المساهمة المحلية في إنتاج السيارة المجمعة تكاد تكون محصورة باليد العاملة التي تقوم بالتجميع، فكيف سيتم تحقيق نسبة 40% من القيمة محلياً؟

وإذا كانت جميع مكونات السيارة مستوردة، فما هي القدرة التنافسية لهذه السيارات سواء في السعر أو الجودة في دخول الأسواق الخارجية ليُتاح تصدير 90% من الإنتاج؟

وحسب تصريح صحفي سابق لمصدر مسؤول في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بأن (هناك شركات تجميع سيارات لم تحصل مسبقاً على رخص تجميع السيارات من بلدان المنشأ أو من الشركة الأم الصانعة للطرازات المستهدفة بالتجميع، وهذا مخالف لشروط التجميع)! فكيف تقوم بعض الشركات التي تنطبق عليها هذه الحالة بالإنتاج باسم تلك الشركات؟

عندما كانت شركة الفرات تنتج الجرارات الزراعية كان يقال إن نسبة التصنيع المحلي تتراوح بين 50-60% بسبب إنتاج الإطارات محلياً والعديد من المكونات الأخرى سواء ضمن الشركة أو في الورش والمنشآت المحلية الأخرى بحلب. لكن نحن اليوم بالنسبة لتجميع السيارات أمام حالة لا يجري فيها إنتاج أية مكونات، وإذا حدث ذلك فليس بالجودة المطلوبة وهوما يؤثر على الطلب الداخلي والخارجي.

المشكلة الأساسية في تجميع السيارات في سورية تكمن في البداية الخاطئة لهذه العملية التي بدأت باستيراد جميع المكونات للتجميع، وليس البدء بإنتاج المكونات وتطويرها وتوسيعها، للانتقال لاحقاً إلى التجميع بنسبة إنتاج محلي متقدمة كما هو الحال في تونس والمغرب. الأمر الذي كان يتطلب وما يزال توفير الإمكانيات لإنتاج أقصى ما يمكن من المكوّنات سواء في البحث عمّن بإمكانه القيام بذلك حالياً أو التشجيع على القيام بذلك مستقبلاً، على أن يسبق ذلك أو يترافق معه اتفاقيات مع الشركات الأساسية المنتجة تضمن توفير إمكانية التصدير وتخصيص الأسواق المتاحة والممكنة أمام شركائها من الشركات المحلية.

العدد 1104 - 24/4/2024