قمة العشرين.. وملفاتها المعقدة

د. صياح فرحان عزام:

تأسست مجموعة العشرين عام 1990، ولكن هناك حالة من التشظي بين دولها، وقد عقدت قمتها مؤخراً في أندونيسيا، وهي قمة تجمع أكبر الدول الفاعلة على مستوى المسكونة، جغرافياً وديموغرافياً وتجارياً، وقد شبهها البعض بأنها (مجلس إدارة العالم).

جدير بالذكر أن القوى الأطلسية مارست ضغوطاً على أندونيسيا لسحب الدعوة الموجهة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعدم إشراك روسيا في أعمال القمة، إلا أن الرئيس الأندونيسي رفض السياسات الفوقية الغربية، بل طلب من قادة الغرب خفض حدة العداء لروسيا.

أما الملفات التي كانت على جدول أعمال هذه القمة والتي كانت مهمة ومعقدة في الوقت ذاته، فهي خمسة ملفات: الحرب الدائرة في أوكرانيا، أزمة الغذاء العالمية، التضامن المالي بين الشمال والجنوب، الاستقرار الاقتصادي العالمي، المديونية.

وكانت الملفات الطاغية أو المسيطرة على القمة وحتى على اللقاءات الثنائية بين القادة الحضور: ملف أوكرانيا، وخطر استخدام الأسلحة النووية، وأيضاً ملف تجارب كوريا الديمقراطية.

وكان أهم اللقاءات الثنائية على هامش هذه القمة هو اللقاء الذي عقد بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والأمريكي بايدن، والذي وصفه البعض بأنه (لقاء يالطا الجديد) بهدف تقسيم العالم، فقد تخللته مطالبات من الجانبين بتعهدات وضمانات حول قضايا مهمة، مثل قضية تايوان، إلى جانب تصريحات متبادلة حول التعاون بين الطرفين.

والسؤال يبقى: هل يمكن القول إن التفاعلات الصراعية بدأت بالتحول إلى صراعات تنافسية ومنضبطة؟ أيضاً هناك أمر هام ظهر في القمة وهو بروز غربي لإسناد دور للصين بشأن قيامها بوساطة مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا وسحب قواتها منها.

وما ميز قمة العشرين هذه، أن هاجس الأمن العالمي ظل الأكثر حضوراً فيها، وحتى في اللقاءات الثنائية بين بعض القادة كما ذكرنا قبل قليل، خاصة لقاء الزعيم الصيني مع الرئيس الأمريكي. والأمر اللافت في هذا اللقاء الأمريكي الصيني، أن الصين رأت أن الضمانات الأمريكية غير مجدية في ظل ممارسة الولايات المتحدة لسياسة إنشاء الأحلاف العسكرية، وبالتالي فإن الصين لا يمكن أن تفك تحالفاتها مع أصدقائها ولاسيما منهم روسيا.

والشيء اللافت للنظر، أن بيان القمة الختامي تضمن إدراج موقف الدول المشاركة التي غلب عليها التباين، وهو ما اعتبره البعض نجاحاً لم يكن متوقعاً، خاصة فيما يتعلق بالتأكيد أن عصر هذه الأيام يجب ألا يكون عصر حروب وصراعات.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في اليوم الثاني للقمة، حصلت حادثة الصاروخ الذي سقط في بولندا، وكادت تلك الحادثة أن تترك أجواء سلبية على القمة، بل وتفجرها من الداخل، ولكن عاد الجو إلى الهدوء والتعقل، خاصة بعد أن تبين أن الصاروخ الذي وصف بأنه (طائش) هو صاروخ أوكراني أطلق من قبل جيش أوكرانيا، رغم أن رئيس أوكرانيا لايزال يحمّل مسؤولية ذلك لروسيا، وأيضاً الأمين العام لحلف الأطلسي حمّل روسيا المسؤولية، مدعياً أن روسيا هي التي شنت الحرب على أوكرانيا.

أخيراً هناك جانب إيجابي في قمة العشرين، وهو فكرة إنشاء صندوق لمكافحة الأوبئة.

الخلاصة، إن هذه القمة غلب عليها التحريض ضد روسيا والرئيس بوتين وتحميلها مسؤولية ما جرى ويجري في أوكرانيا، وهذا كان متوقعاً خاصة أن واشنطن هي التي تقود هذه الحملة للحفاظ على تفرّدها بقيادة العالم.

 

العدد 1140 - 22/01/2025