الليرة أو الدولار

فؤاد اللحــــام:

أثار قرار المصرف المركزي الأخير برفع سعر الدولار إلى 3015 ل.س مواقف وآراء عديدة ومتباينة بين العديد من الجهات سواء المختصة أو العامة. بدأت بالتوقعات المعتادة بارتفاع فوري لتكاليف المنتجات والبضائع وأسعارها، سواء المرتبطة بالدولار أو أيضاً وكالعادة لتشمل المنتجات الأخرى غير المرتبطة به.

وفي ضوء المنعكسات الاقتصادية والاجتماعية الفورية والمتوقعة مستقبلاً لهذا الإجراء، يطرح السؤال الاساسي التالي الموجه لجميع الجهات العامة المعنية: ايهما أجدى وأفضل: رفع سعر الدولار أم رفع سعر الليرة السورية؟

وصل سعر الدولار اليوم مقارنة بما كان عليه في بداية الأزمة إلى نحو 100 ضعف في السوق الموازية، وإلى نحو 65 ضعفاً في السوق النظامية متبعاً الطريق التالية: خطوتان إلى الأمام (ارتفاع) ثم تدخل حكومي يؤدي إلى خطوة إلى الوراء (انخفاض) فثبات مؤقت، ثم معاودة الارتفاع وهكذا.. وقد ترافق ذلك برفع رسمي لسعر الدولار بين حين وآخر حسب الهدف المعلن من ذلك: محاربة المضاربين واستقطاب حوالات المغتربين. عملياً أدى هذا الإجراء إلى ارتفاع الإيرادات من الرسوم الجمركية وغيرها، لكنه في معظم الحالات الأخرى لم يحقق الأهداف المرجوة منه لجهة تحسين الإيرادات بالدولار التي تم حصرها بإعادة قطع التصدير ودفع الرسوم على جوازات السفر والبدل النقدي ورسم الدخول لسورية حتى من قبل المواطن السوري. وكان الأثر السلبي الأكبر هو ارتفاع التكاليف والأسعار وضعف القدرة التنافسية للعديد من المنتجات السورية. ولذلك يمكن القول، حسب ما وصلنا إليه اليوم، إن العمل على رفع سعر الدولار هو الذي طغى على رفع وتحسين قيمة الليرة السورية وأن الجهود التي بذلت وما تزال تبذل حسب تصريحات المعنيين بالأمر لم تحقق ما كان مأمولاً منها.

لقد بات معروفاً للجميع أن الانتاج هو السبيل الأساسي لتعزيز قيمة العملة المحلية وتحسين الايرادات من القطع الأجنبي سواء بالتصدير أو بإنتاج بدائل المستوردات. كما بات معروفاً للجميع ضعف أو/ وعدم كفاءة الإجراءات التي يعلن عنها حول تشجيع الإنتاج والتصدير، والتي ما تزال مثار الشكاوى الواسعة من الصناعيين والحرفيين، سواء لجهة نقص الكهرباء والمحروقات ورفع أسعارها، أو لجهة ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والخدمات الأخرى.

تحسين سعر صرف الليرة السورية هو الطريق الأسلم لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها اليوم، لأنه الأفضل والأنجع من رفع سعر الدولار. وهذا يتحقق لا بقمع المضاربة فقط بل كذلك بتحسين بيئة العمل والإنتاج، والعمل الجاد على معالجة المشاكل والصعوبات التي تعيق أو تؤثر سلباً على هذه العملية.

 

نقلاً عن (الصناعي السوري) www.alsenaee.com

العدد 1104 - 24/4/2024