الصمت القاتل على تحرّش منافٍ للإنسانية
وعد حسون نصر:
إنه لأمرٌ يدعو للذهول أن تغدو بيوتنا مكاناً للذعر والخوف بدل الأمان، عندما نكون ضحايا فساد أخلاقي موروث من مجتمع مكبوت لا يستطيع أن يفصل بالعلاقات بين ما هو منافٍ للأخلاق وما هو مشروع وطبيعي، أيُعقل أن يأكل الإنسان لحم الإنسان؟! الأمر مرفوض كلياً، وهكذا يكون الاعتداء الجنسي وخاصةً على فرد من الأسرة مرفوضاً ومُحرّماً، فهل يمكن أن نتخيّل بأن الطفل/ـة بدل أن يجد في حضن أبيه أو أحد أصوله أماناً له، يغدو مصدراً للذعر والقلق بسبب كبت مدفون يخرج على شكل اعتداء أو بصورة أوضح سفاح، ومع أن أبلغ تعبير له يجب أن يكون الاغتصاب وإن كان برضا الضحية وقبولها لأنه اعتداء من أب أو أخ أو جد أو عم على قاصر، أو حتى بالغ من الأسرة ربما تمّ الرضا بالخوف والتهديد، لينطبق الشيء ذاته على الذكر كأن نرى ونتيجة الشذوذ أمّاً تمارس الرذيلة مع ابنها أو جدة مع حفيدها أو خالة مع ابن أختها!! هل يمكن أن نتصور هذا الشذوذ القبيح!؟ مع أنه للأسف موجود بالواقع لدرجة أن ملفات المحاكم تحوي بين أغلفتها قصصاً كثيرة تحكي عن أبشع أنواع الاعتداء والتحرش والشذوذ الجنسي (السفاح) إذ لا يمكن أن نردَّ هذا السلوك للفقر أو الجهل أو الحرمان، وأصدق ما يُقال عنه مرض غريزي يحول الشخص لحيوان لا يميّز بين ذريته والآخرين، لذلك لابدَّ من معاقبة مرتكب هذا النوع من الاعتداء وإن كان تم بالرضا والقبول بين الطرفين، إلاّ أنه يبقى اعتداء قذراً يوجب معاقبة مرتكبه بأشدِّ أنواع العقوبة دون النظر للدافع الذي يختبئ وراء غريزته الحيوانية. ومن الطبيعي أن يكون القضاء عادلاً في كبح ظاهرة تفشي الدعارة المبطنة داخل بعض البيوت، كذلك حماية أناسها من بعضهم لأن الكثير منهم يكبس على جراحه الملح ويصمت خشية الفضيحة، فمن هنا وجب حماية أولادكم في أحضان من كنتم تظنون أنهم الأمان لهم والدفء والغطاء، فالكثير ممّن نظن أنهم غطاؤنا هم أول الأشخاص ممّن يقتلوننا برداً بقسوة أعمالهم، فلا رحمة بمغتصب وخاصةً إذا كان هو من يجب أن يحمينا من آكلي لحومنا فكان أول من نهشها.
القانون السوري في المادة 476 من قانون العقوبات نص ما يلي:
١ – السفاح بين الأصول والفروع، شرعيين كانوا أم غير شرعيين، أو بين الأشقاء والشقيقات والإخوة والأخوات لأب أو لأم، أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة، يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.
2- إذا كان لأحد المجرمَيْن على الآخر سلطة قانونية أو فعلية فلا تنقص العقوبة عن سنتين ٣- يمنع المجرم من حق الولاية.
وبالنسبة إلى الملاحقة القضائية تقول المادة 477
١- يلاحق السفاح الموصوف في المادة السابقة بناء على شكوى قريب أو صهر أحد المجرمين حتى الدرجة الرابعة.
2- وتباشر الملاحقة بلا شكوى إذا أدى الأمر إلى الفضيحة.
وبالرغم من أن هذه العقوبة قليلة جداً بحق مرتكب السفاح، أود التنبيه إلى أن القانون كان مجانباً للعدالة في العقوبة، فقد عدَّ الشريك القاصر في السفاح فاعلاً أيضاً يمكن معاقبته، دون النظر إلى أن الولي قد أخلّ بولايته (أب، أخ، عم، جد….) ولو كان الفعل يتم برضا الطرفين، أي أنه كان يُفترض عدم الاعتداد بالرضا، فلا معنى لرضا القاصر، فهنالك أسباب كثيرة، أهمها الخوف والجهل، يؤديان إلى الرضا، ما يعني أنه يجب عدم الأخذ برضا وموافقة الطرف الثاني القاصر بالقيام بالفعل، بل يجب عدّه اغتصاباً، ويجب معاقبة الفاعل معاقبة المغتصب وليس فقط السفاح، ممّا يتوجب تشديد العقوبة لتتساوى مع عقوبة الاغتصاب.
كذلك يجب أن ينص القانون على مادة اسمها الأخلاق والتربية لأنها ضرورية لتقييم علاقتنا الأسرية، ويجب النظر أيضاً لهذا الطفل المستغَل من قِبل الراشد ضمن الأسرة للتأهيل من جديد نفسياً وجسدياً، فلينظر القانون إلى السفاح جيداً لأنه أشدّ خطورة على المجتمع، فهو الدعارة السريّة التي تتم خلف جدران المنازل، والمشكلة الأكبر هي أن القانون يرى الاغتصاب جناية، أما السفاح فهو جنحة، مع أن لكليهما تأثيراً سلبياً على الإنسان والمجتمع وكلاهما اعتداء على حقوق الإنسان وعلى الإنسانية وعلى أطفالنا مثلما هو منافٍ لحقوق الأطفال الذين هم بحاجة لحضن أمان بين جدران منازلهم.