سياحة فالحة أم فاضحة؟!.. استئناف الرحلات السياحية إلى سورية

(النور)_ خاص_ شام علي جورية:

نشرت وكالة الأنباء السوريّة الرسميٍة (سانا) خبراً مفاده استئناف تنظيم الرحلات السياحيّة إلى سورية بعد توقف عشر سنوات بسبب الحرب، والخبر منقول عن وكالات سفر أوربيّة، ولكن أليس من المنطقي أن نتحرك قليلاً كحكومة لوضع أرضية مناسبة للسياحة تتناسب مع ما ذُكر في الخبر المنشور؟!

وكالات السفر الأوربية قالت إن الهدف من هذه الرحلات السياحية هو تبادل الثقافات وزيارة أسواق الحرف اليدوية والتمتّع بالمناظر الطبيعية الخلابة، فعن أيّ ثقافات تتحدث تلك الوكالات؟!

عن ثقافة الركض خلف السرفيس يومياً، أم عن ثقافة الوقوف على الطوابير يومياً للحصول على أبسط الحقوق؟! أما أسواق الحرف اليدوية التي يُروّج لها في الغرب لتشجيع السياحة إلى سورية، فنقول لكم إنها باتت واجهات فقط، فلا يوجد من يعمل بها إلا ما ندر، ولا يوجد كهرباء كي يعمل أصحاب هذه الحرف، حتى إن وجدت الكهرباء فلا يوجد مواد أولية بسبب ارتفاع سعرها، وحتى إن وجدت فلم تعد مُنتجات الحرف اليدوية تهمّ المواطن السوري الذي كلّ همّه هو الحصول على قوت يومه، فأغلب واجهات محالِّ هذه الحِرف كُتب عليها: (يوجد وحدات).

في حال استئناف الرحلات السياحية إلى سورية وكما ذُكر على أنها تسعة أيام.. كيف سيقضيها السائح؟

السائح سابقاً كان يقضي زيارته إلى سورية بزيارة الأماكن السياحية والقلاع وغيرها، لكن الآن سيصوّر طوابير الخبز وفرحة المواطن بعد حصولهِ على جرة الغاز، وسينعم بالعتم نتيجة قطع الكهرباء، الذي لم يعرفه ولن يراه في بلاده، سيشاهد ويوثق استغلال سائقي التكاسي للمواطن قبل السائح، وينقل لبلاده ثقافة النقل العام بالدراجات الناريّة، سيذكر هذا السائح أن المرآة في حافلات النقل الداخلي قد تكون وسيلة نقل من خلال تعلّق الراكب بها.

أي أماكن سياحية يروّج لها إعلامنا الوطني؟! هل قلعة دمشق أم تمثال صلاح الدين الذي بات أحد ألعاب الأطفال فصاروا يتسلقونه يومياً، وسرقوا سيفهُ يوماً ما؟! قلعة الحصن في حمص أم جامع خالد بن الوليد الذي أُعيد بناءهُ وكل ما حوله مدمّر، أم جبال اللاذقية التي غابت عنها الخدمات وحملات النظافة منذُ سنوات ويعاني أهلها من فقر مدقع؟!!

قبل أن نروّج للسياحة في وطننا لابد من توفير أرضية مناسبة لاستقبال السياح ونقل ثقافاتنا لهم بشكل صحيح، فأسعار منتجاتِنا وسلعنا وخدماتنا سياحية دون سياحة.. فكيف ستصبح بحال عودة سورية سياحية إلى سابق عهدِها؟!

وزارة السياحة اقتصرت أعمالها خلال سنوات الأزمة على الفعاليات غير المفيدة، والآن حان دورها لتتحرك بشكل عاجل وفوري، من خلال تفعيل دورها بشكل صحيح بما يتناسب مع ما يُروّج لهُ عن سورية (السياحية) وأن تهيئ مستلزمات تنفيذ هذه الرحلات السياحية على أكمل وجه، وتعود سورية وجهة سياحية يقصدها السياح من مختلف أصقاع الأرض.

في الختام أشارت إذاعة (دويتشه فيليه) الألمانيّة إلى أن وكالات السفر تتحدث عن الأمان والتأمين الخاص لكل ما يحتاج إلى السائح من وسائل الراحة خلال الرحلات إلى سورية، لن نعلق كثيراً على مع ذكرتهُ الإذاعة الألمانية فإن كان الأمر كذلك، فحبذا لو تعتبرَنا الحكومة في بلادِنا سيّاحاً وتعاملنا على هذا الأساس وتقدم لنا الخدمات، لن نقول الكماليات بل الحقوق المشروعة حتى وإن كانت بأسعار سياحية رغم أن الأسعار عندنا تخطت السياحية بأشواط!

العدد 1104 - 24/4/2024