شرف العائلة أمانة في عنقك!
وعد حسون نصر:
لأنكِ أنثى فأنتِ المسؤول الأول عن سمعة العائلة، عن شرفها ومكانتها بين الناس، لأنكِ أنثى كل ما فيكِ عورة، صوتكِ، جسدكِ، شعركِ، ضحكتكِ، عطركِ، حتى حمرةَ شفاهكِ وكحل عينيكِ عورة، وأيُّ خلل في ميزان قيم الأسرة أنتِ سببه لأنَ مقاديركِ اختلفت عن مقادير الأسرة، لذلك يجب أن تتساوى كفتا ميزان قيم الأسرة بغسل العار وأنتِ العار!
أسباب كثير تكمن وراء جرائم الشرف، التي عادةً ما يقوم بها ذكرٌ من العائلة، وقد يقتل الأنثى لأنها أحبّتْ مثلاً أو تعطّرتْ أو لبستْ ألوان الربيع وكانت مزهرةً في عين الجميع، لذلك وجب قطفها كي لا تكبر ويفوح عطرها أكثر، والعطر غير مستحب للنساء فهو يثير رغبات الرجال، لذلك تطول وتتطاول ألسنة المجتمع حول الفتاة ويبدأ رمي الكلام والتعليقات أمام ذكور العائلة بالعامية (ملء رأسهم بالتحريض والكلام المستفز) فتأتي ردّة فعل هؤلاء الذكور بغسل عارهم وقتل أنثى بريئة كان همّها أن تكون أكثر إشراقاً في نظر الجميع. كذلك من أسباب قتل الأنثى بداعي الشرف الطلاق أو الانفصال عن الزوج، أو رفض الموافقة على زواج تمّ الترتيب له كما حصل في مجتمعنا السوري منذ فترة في إحدى المحافظات، فقد قتل ذكور العائلة الفتاة لأنها رفضت الزواج من ابن عمها. أيضاً من الأسباب الأخرى الارتباط بعلاقة غير مرضي عنها من قبل الأسرة، أو ممارسة الجنس قبل الزواج وهذا ذنب لا يغتفر إلاّ بالقتل عند أغلب العائلات في المجتمعات العربية عامةً وليس فقط في سورية. حتى الاغتصاب الذي قد تتعرض له الأنثى دون إرادتها أو رغبتها دافع لقتلها بغاية الشرف، كذلك اكتشاف ما يُسمّى بالمثلية الجنسية وإن كانت مبطّنة قد يكون دافعاً أيضاً لجريمة شرف.
رغم انتشار العنف على جسد المرأة وروحها ومسمعها من ضرب وإهانات وقتل تحت مسمّى شرف العائلة، إلاّ أن الكثير من الأشخاص والمنظمات الإنسانية والتربوية وقفت بوجه ساطور الشرف بكل قوتها متحمّلةً ندباته وجراحه على أيديهم وأجسادهم بكل إصرار لوقف تدفق عدد من الضحايا اليومية تحت مُسمّى جريمة شرف، حتى القانون كان سداً منيعاً في وجه تخلّف مُدّعي الشرف، ففي خطوة تعكس تشدّداً تجاه جرائم الشرف، صدر في سورية مرسوم أُلغيت بموجبه المادة 548 من قانون العقوبات السوري بالمرسوم التشريعي رقم 37 التي كان يستفيد بموجبها من العذر المُخفّف لمن ارتكب جريمة قتل دفاعاً عن الشرف، وقد كانت المادة الملغاة تخلو من أيّ تحديد للحد الأدنى للعقوبة تجاه هذه الجرائم، لذا ومن منطلق إنساني واجتماعي وقانوني وأخلاقي يجب التصدي لروح الإجرام الشائعة بين فئة وشريحة من مجتمعاتنا العربية ممّن يؤمنون أن شرفهم يقبع في أجساد نسائهن، وأن عارهم لا يُغسَل إلاّ حين تُساق النساء كالنعاج مُكبّلة الأيدي والأرجل لتُرمى أمام جزارها يُكبّر على شاته ويقطع بساطوره رأسها، وهنا يرفع رأسه ورأس العائلة بنظره، فالعار سقط مع سقوط رأس الجانية! فرحمةً بنسائكم وأطفالكم ومجتمعاتكم يجب أن تقف إنسانيتكم بوجه جزاري الشرف لكيلا تكثر ضحاياهن تحت مُسمّى جانيات.