حقوق إنسان أم حقوق حيوان؟

إيمان أحمد ونوس:

رافقت الحيوانات الإنسان منذ أن بدأ بتدجينها وترويضها خدمة لمصالحه وأعماله التي تطلّبت وجود بعضها، كالكلاب لأجل حراسة قطيع الأغنام أو المنازل والحقول، وهذا يعني أن وجودها في حياته قديم، لكن بطرق وتعامل مختلف عمّا نلحظه اليوم وتعيشه العديد من الأسر والأفراد الذين يقتنون تلك الحيوانات في المنازل، وذلك بحكم الدوافع والغايات الكامنة اليوم وراء تلك الحالة والتي يمكن إرجاعها لأسباب نفسية واجتماعية تتلخّص إمّا بسبب الفراغ المادي – العاطفي والشعور بالوحدة، أو الانعزال عن المحيط وعدم الثقة به، أو بدافع العطف والرأفة بتلك الحيوانات والتعامل معها بإنسانية عالية أحياناً. وقد تكون بدافع الترف والتقليد الذي يُضفي على الشخصية نوعاً من الأبّهة والبريستيج الاجتماعي الذي يسعى إليه الشخص، أو الرغبة بتقليد بعض عادات المجتمعات الأخرى كي يحظى بنظرة ومكانة اجتماعية راقية برأيه.

لقد غدت تربية الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب ظاهرة تستوجب التوقّف والتساؤل لأسباب متعدّدة أهمها الوضع المادي والاجتماعي الذي يسود المجتمع خلال وما بعد الحرب التي استأثرت بكل شيء حتى لقمة العيش للإنسان الذي شُرّدَ وهُجّرَ، فباتت الشوارع والأرصفة هي الملاذ الوحيد لكثير من الأطفال والشيوخ وحتى الأُسر أحياناً، فكيف يستقيم الوضع مع تربية الحيوانات الأليفة بكل احتياجاتها المادية والمعيشية في حين يُعاني الناس صعوبات وأزمات شتّى لتلبية الحدِّ الأدنى من تلك الاحتياجات بسبب الفقر وانعدام القدرة المادية. وهنا لا بدّ من سؤال يطرح نفسه وبقوّة: ألا يمكن لبعض أولئك الذين يقتنون تلك الحيوانات أن يرأف بحال طفل مُشرّد فيعتني به ويقوم بتربيته أو تلبية بعض احتياجاته بدل الكلب أو القطط التي تتطلّب المزيد من العناية والمال في زمنٍ يشحُّ فيه المال لدرجة انعدام القدرة على تأمين لقمة العيش لدى البعض؟ ألا يمكن لهذا الطفل أو الشيخ أن يكون رفيقاً مؤنساً وربما سنداً في لحظة ما بدل تلك الحيوانات إن كان هذا الدافع وراء اقتنائها؟ لقد بتنا في زمنٍ يتطلّب الرفق بالإنسان قبل الحيوان، ونعيش في مجتمع تنتفي فيه أبسط حقوق الإنسان في الوقت الذي يسعى البعض لتأمين حقوق الحيوان!! ألا يُعبّر هذا الحال عن تناقض رهيب يعيشه أفراد المجتمع تجاه بعضهم البعض حتى انعدمت الألفة والتعاطف ما بين البشر في حين تتعاظم تلك الألفة والتعاطف تجاه الحيوانات!؟

أسئلة نضعها برسم أولئك الذين تعاظمت إنسانيتهم تجاه الحيوانات حتى طغت على كل حياتهم، مقابل عدم ثقتهم بالبشر وانعزالهم عنهم.

العدد 1104 - 24/4/2024