حتى يدعم وقف الاستيراد عملية الإنتاج
فؤاد اللحــام:
قررت الحكومة مؤخراً إيقاف استيراد 20 مادة لمدة ستة أشهر، مبررة إصدار هذا القرار بدعم المنتج المحلي وتوفير القطع الأجنبي لاستيراد المواد الضرورية، وتخفيف الطلب على الدولار لتغطية المستوردات غير الضرورية، مما سينعكس على سعره في السوق الموازية.
المواد الممنوعة شملت (جبنة شيدر، إكسسوارات، موبايلات، ومكبرات صوت، وعدادات نقود، وجوز، ولوز، وكاجو، وزبيب، وتمر، ومكيفات منزلية، وأجهزة علاج فيزيائي (تدليك)، ومواسير وأنابيب معدنية المنتجة محلياً، وحديد زوايا مبسط ومربع المنتج محلياً، وباصات وميكروباصات للمؤسسات التعليمية والقطاع الحكومي، وزيوت وشحوم معدنية للسيارات والآليات المنتجة محلياً، والسيارات السياحية والفانات والميكروباصات للقطاع العام، وسيراميك، وغرانيت طبيعي، وأحجار النصب والبناء، وترابيع وبلاط مكعبات من الفسيفساء (موزاييك)، قطع خزفية مشغولة (سيراميك)، وهواتف).
تباينت كالعادة ردود الفعل والآراء حول هذا القرار بين تأييد واضح من قبل الصناعيين الذين ينتجون المواد التي أوقف استيرادها، واعتبار ذلك خطوة نحو دعم وتطوير الصناعة المحلية، إضافة إلى الأهداف الأخرى التي أعلنت عنها الجهات الرسمية المعنية. في الوقت ذاته قوبل هذا القرار بالانتقاد لجهة شموله بعض المواد اللازمة – كما يراها المنتقدون – كالجوز أو كالتمر الذي لا ينتج محلياً مما سيؤثر على الصناعات والحرف التي تستخدمها وأسعارها لاحقاً. وبالتأكيد ما تزال تصريحات التأييد والانتقاد مستمرة، وكذلك شروحات المسؤولين التوضيحية لمبررات إصدار هذا القرار.
مما لا شك فيه أن دعم المنتج المحلي واجب ومهمة أساسية ليس أمام الجهات الحكومية بل أيضاً من قبل المواطن ذاته نظراً لمنعكسات نتائج هذه العملية الإيجابية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وخاصة التي نعيشها حالياً سواء من خلال توفير فرص العمل أو توفير القطع الأجنبي أو تحريك الطلب الداخلي وتفاعلات وترابطات الصناعة مع القطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى.
لكن الهدف النبيل لا يؤدي في كثير من الأحيان ما هو مقصود منه بل ربما يؤدي إلى نتائج بعيدة عن ذلك، ومن هنا تبرز مخاوف عديدة ومشروعة بعضها عشناه في مرحلة ما قبل الأزمة وبعضها برز خلالها وما يزال من خلال تفصيل بعض القرارات لصالح هذه الجهة أو تلك أو هذا الشخص أو ذاك.
التخوف الأساسي هو عدم قدرة المنشآت المحلية على تلبية الطلب المحلي بالكميات اللازمة والنوعية الجيدة والسعر المناسب، وهو ما يعني فرض إنتاج محصور بهذه الشركة أو تلك متدني الجودة ومرتفع السعر على المستهلك، الأمر الذي من شأنه تنشيط الطلب مجدداً على التهريب، بمعنى ما تم توفيره من وقف الاستيراد سيتم صرفه من خلال التهريب.
مطلوب من الصناعيين الذين شمل القرار صناعاتهم ممارسة دورهم الإيجابي في دعم المنتج المحلي من خلال الاستفادة من هذه الفرصة، ليس في فرض الأسعار والنوعية التي يرونها بل في تطوير المنتج وتقديمه بالسعر والنوعية وخدمة ما بعد البيع التي تجعل المستهلك المحلي راضياً عنه ومتمسكاً به.
ومطلوب من مختلف الجهات الحكومية المعنية المتابعة الميدانية الجادة والمسؤولة والتقييم الموضوعي واليومي لمسيرة هذا القرار وتقييم نتائجه واتخاذ الإجراءات اللازمة بكل صراحة وشفافية بما يخدم الأهداف الوطنية المرجوة من هذا القرار بعيداً عن سياسة إرضاء هذا الطرف أو ذاك أو تفصيله لمصالح هذه الجهة أو تلك.