الوباء والرقم الفائض
د. أحمد ديركي:
يجتاح وباء كورونا الكرة الأرضية، مهدداً وجود الجنس البشري لم يحسن التعامل به. وما هذا الوباء إلا عبارة عن فيروس ذكي يعرف التعاطي مع الجنس البشري للقضاء عليه، لذا يعدل نفسه جينياً ليتخطى ما يعرف عند الجنس البشري باللقاح.
لقد استطاع الإنسان الوصول إلى القمر ومن بعده إلى المريخ، ويعمل حالياً على بناء (فنادق) في الفضاء، ما قبل القمر، لقضاء الإجازات والاستمتاع بالوقت خارج الكرة الأرضية. كما استطاع الإنسان أن يقلق بقية جنسه بمسألة (الذكاء الاصطناعي) وابتداع روبوتات تحل محل القوة العاملة، وتخدم من يستطيع امتلاكها وتدخل سوق الإنتاج لتخفيض كلفة الإنتاج وتسلي من يستطيع امتلاكها، وأصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً من الحياة اليومية للإنسان، والهاتف الخلوي دليل على هذا، إلا أن الذكاء الاصطناعي لم يدخل علم الاستهلاك بعد!
رغم كل هذا لم يستطع الإنسان كما لم يستطع الذكاء الاصطناعي القضاء على الفيروس الذي يجتاح الكرة الأرضية. والاجتياح هنا اجتياح عام لا يعرف الحدود الجغرافية الطبيعية ولا الاصطناعية السياسية. ما أدى إلى أضرار كارثية على المستوى الاقتصادي، طبعاً إضافة إلى البشرية.
فقد أثر الوباء على 2.7 مليار عامل في العالم، سواء كانوا يعملون بدوام كامل أو جزئي، نتيجة الإقفال العام الذي رافق انتشاره، كما انكمش الناتج المحلي الإجمالي للعالم، عام 2020، إلى حد أسوأ من الركود الكبير الذي حدث عام 2008. ولم يشهد الاقتصادي العالم أمراً مشابهاً لهذا! وفي العالم الصناعي يتقلص الناتج المحلي الإجمالي نقطتين في كل شهر إقفال.
كل هذا يحدث والعالم يحاول أن يتخطى آثار ذاك الفيروس الذكي الذي يستطيع أن يغير تركيبته البيولوجية ليواجه الجنس البشري. وما زال العالم يعاني من هذه المواجهة.
مجرد نظرة إلى الاثار الاقتصادية والبشرية على العالم يمكن لحظ مدى جدية الأمر، ولكن الأمر المثير للشفقة أن في دول العالم اللاصناعي، والتي يغزوها الفيروس أيضاً، يبدو كأن الأمور تجري على سجيتها! العمال يفقدون وظائفهم ولا من يعوض عليهم، البشر يموتون ويقبرون بطرق تقليدية، (الذكاء الاصطناعي) مقطوع عنه التيار الكهربائي، والحياة تسير وكأن شيئاً لم يحدث! كيف يمكن لهذه الدول ان تهتم بشعبها إن كان شعبها لا يمثل سوى رقم إنتاجي، وهناك فائض في الأرقام الإنتاجية؟!