الوضع في تونس.. التحديات الحالية وموقف الرئيس قيس سعيّد واقع وآفاق

يوسف فرحة_ كندا:

كان الوضع التونسي موضوع اجتماع المنتدى اليساري في مونتريال_ كندا، الجمعة 31/7/2021، بمشاركة الرفاق الشيوعيين السوريين في كندا وأمريكا.

قدم الرفيق مصطفى علوي من تونس لمحة عن الوضع، إثر الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد، في ظل الضائقة الاقتصادية التي يعيشها التونسيون من غلاء المعيشة وتفاقم البطالة، وفي مواجهة الفساد المستشري في تونس، لاسيما مشاركة نواب من البرلمان التونسي بزعامة الغنوشي (رئيس حزب النهضة الإخوانية)، مبيناً أن هناك مشكلة كبيرة في البرلمان، حيث يوجد قسم كبير من النواب مجرمون ومطلوبون للعدالة بقضايا مختلفة.

إعلان الرئيس سعيّد تجميد البرلمان وحل الحكومة استناداً للفصل 80 من الدستور التونسي الذي ينص على (أنه في حالة وجود خطر داهم على الدولة – من حق رئيس الجمهورية اللجوء إلى هذا الفصل وطلب إجراءات إستثنائية – ويمكن أن يبقي على البرلمان بحالة انعقاد دائم) – بينما لم يعطِ الرئيس حقّ حلّ الحكومة، مما أثار اعتراض الحقوقيين على هذا الإجراء، لأن الدستور افترض الخطر الداهم من خارج الحكومة والبرلمان. لكن يبدو أن هناك معلومات وصلت إلى الرئيس، فاعتبر البرلمان والحكومة من عوامل الخطر على الدولة، فقام بتجميد البرلمان وحل الحكومة وتولى هو السلطة التشريعية (حتى السلطة القضائية، لكنه تراجع مؤخراً فكلف أحد القضاة بذلك) مستنداً إلى تماسك موقف مؤسسات الجيش والقوى الأمنية الداعمة له في محاسبة الفاسدين، وقد أعلن أن لديه أسماءهم ويبلغ عددهم 460 شخصية، معظمهم على ما يبدو من نواب البرلمان.

انقسم الشارع السياسي التونسي على شكل تأويل الدستور:

* الأحزاب المعارضة:

– حزب العمال عارض إجراءات الرئيس، واعتبرها انقلاباً على الديمقراطية يدخل في مقدمات نحو حكم فاشي نازي، وهذا موقف فيه نوع من الاحترام الشكلي لكل ما يوجد في الدستور من نصوص بصورة حرفية.

– وكذلك عبير موسى وحزبها الدستوري.

– همّة الحمامي اعتبر أن سعيّد أدخل الجيش في تجاذبات ومشاكل كبرى، ويجب إقالته قبل المشيشي رئيس الحكومة ونواب الشعب.

  • الأحزاب من اليسار الماركسي والعروبي (الناصريون): الأغلبية مواقفهم إيجابية مما حصل، إلى جانب الاتحاد التونسي للشغل، والاتحادات المهنية والمنظمات النقابية ورابطة حقوق الإنسان ورابطة المحامين المهنية والنقابية والحقوقيين – التنظيمات المهنية كلها اتخذت الموقف نفسه لاتحاد العمال (التونسي للشغل)، اتحاد الطلبة وكذلك رابطة النساء التونسيات مواقفهم إيجابية مما حصل، لكنهم يطالبون أن تكون هذه الإجراءات الاستثنائية مؤقتة، وأن لا تلغي المسار الديمقراطي، وطالبوا بوضع سقف زمني للإجراءات حتى لا ينزلق الأمر إلى التحضير نحو شكل من أشكال الديكتاتورية.

على المستوى الشعبي:

الاتحاد التونسي للشغل يدرس خارطة طريق لتقديمها للرئيس سعيّد تتضمن تصورات سياسية اقتصادية واجتماعية للإضاءة على الأولويات والتركيز عليها، وضرورة التعجيل في الحلول تجاه حل مسألة البطالة والفقر، وضرورة تحسين مستوى المعيشة للشعب التونسي، معتقدين أن مسألة الحوار والقرار الوطني لا يمكن لرئاسة الجمهورية أن تنفرد بها. ومن الواضح حتى الآن عدم مشاركة الرئيس سعيّد لأي من الأحزاب السياسية في قراراته واقتصر على اجتماعاته بالقيادات الأمنية والجيش.

-هناك نوع من التجاوب الشعبي الكبير جداً والموقف الإيجابي المتصاعد ضد حركة النهضة الإخوانية، بسبب مواقفها من استنزاف أعضاء البرلمان وتقاضي أتاوات مع الإبقاء على الفساد وتحميلها مسؤولية الاغتيالات السياسية. هذا الموقف ظهر في الشارع بحرق مكاتبها.

موقف حزب النهضة اعتبر ما حدث انقلاباً، وخسر حتى الآن حسب التقديرات ما يزيد على مليون صوت من ناخبيه، وبدأت حالة من الانقسام الداخلي بين كوادره القيادية.

مؤخراً أكدت الكاتبة ألفة يوسف توقيع 30 شخصية وطنية على رسالة مفتوحة إلى الرأي العالم الوطني والدولي، تؤكد أن الشعب التونسي الذي أصبح يعاني بسبب تردي جميع الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية يطالب منذ مدة بتغيير عميق في إدارة الشأن العام، وقد خرج يوم 25 تموز (جويليه) معبّراً عن غضبه من الطبقة السياسية وموجّهاً احتقانه إلى حركة النهضة وحزامها السياسي، بصفتهم السبب المباشر في الانهيار الشامل – وتؤكد الرسالة أننا ندعم استجابة الرئيس قيس سعيّد لمطالب الشعب التونسي، ولا نعدّ ذلك انقلاباً على الدستور ولا على الشرعية. وتدعو الرسالة الرئيس إلى محاسبة كل من مرق عن القانون محاسبة قانونية دون أي تشفٍّ ولا انتقام، كما ندعو الدول الصديقة إلى مساندة اختيارات الشعب التونسي التي تضمن له الكرامة والعزة والحرية.

ردود الفعل العربية والاقليمية والدولية تميزت بالإيجابية: فالجزائر ومصر وليبيا عبرت عن دعمها لاستقرار الشعب التونسي – وأكدت الدول الكبرى المؤثرة بالمشهد أهمية الحفاظ على الديمقراطية في تونس.

باستثناء تركيا وقطر اللتين تعتبران ما جرى تعدّياً على الديمقراطية، وذلك لأنها تمسّ بالحركة الإسلامية في تونس، آخر قلاع سيطرة الإسلاميين في العالم العربي.

شارك رفاقنا في النقاش العام وخاصة حول دور الأحزاب اليسارية التي انقلب بعضها على الرئيس سعيّد، وكذلك عدم مشاركته للأحزاب خلال تحركه الحالي، وكذلك حول الاغتيالات السياسية التي جرت بدعم ومشاركة على ما يبدو من جماعة النهضة.

تقريباً هذه هي الخطوط العريضة للوضع العام اليوم، والأمور لا تزال في بدايتها وهي مفتوحة على كل الاحتمالات حتى الآن.

بدأت استدعاءات أمنية لبعض أعضاء البرلمان للمحاكمة بتهم مختلفة.

 

1/8/2021

العدد 1104 - 24/4/2024