المواطن هو المرآة

الدكتور سنان علي ديب:

فكرة الوطن أو الدولة تنبع بالأساس من المواطن من الفرد وكيفية تأمين متطلباته وحقوقه وكيفية تشجيعه للقيام بواجباته.

فالبلد جغرافيا ومواطنون وقوانين وضعية غايتها تحصين البلد عبر تحصين المواطنين، وبالتالي رضا المواطنين هو المرآة لصوابية التشريعات والقوانين وكفاءة من يسنها ويتابعها ويتابع تنفيذها ومخرجاتها.

ما شدنا للخوض بهذا الموضوع هو كلام رئيس الوزراء في مؤتمر الإصلاح الإداري المنعقد بدمشق، الذي هو تجسيد لرؤى القيادة حول الإصلاح الإداري وأهميته منذ سنوات، والذي ولد بعد عناء ونتمنى أن لا يكون ديكورياً كما عهدنا، أو أن لا يكون جسراً لتقويض الفكرة الصحيحة، وأن يكون دافعاً لتغيير العقلية السائدة في التعيينات والقوانين والمتابعة والمحاسبة والتجديد والتطوير، التي لم تتغير وما يؤكد ذلك ما نراه من تذمر المواطنين وامتعاضهم من معاناة مستمرة متجددة عبر قوانين وتشريعات خيالية تجعل المواطن ساحة تجريب لدوافع متعددة وغايات مختلفة لن نطيل الكلام عنها، ولكن حجم الفقر والمعاناة الذي زاد وعمّ رغم تخفيف الضغوط الدولية للخنق الاقتصادي الذي هو نتيجة إرهاب اقتصادي مبرمج، مارس كل الأدوات لفرض أجندات مؤدية لتفشيل الدولة ولتهجير مواطنيها ولقتل الأمل الذي تولد نتيجة النضال والمقاومة والصبر، والذي لم يعجب البعض، فاستمروا في السير ببرامج تقوض الانتصارات الشعبية الداعمة لانتصارات الجيش، وهو ما وجدناه بعد نجاح باهر للاستحقاق الرئاسي، في ظل رؤية وطنية تنشد الحل السوري الوطني العادل البناء الذي كان هو طريق السير لما حققناه من انتصار على الإرهاب بكل أنواعه العسكري الفكري النفسي الاقتصادي الإعلامي، فعاشت نفوس المواطنين في أمل وترقب قطع بتخبيصات وتخبطات نتائجها عرقلة النجاح وتسويد الرؤية لأغلب المواطنين والاستمرار بسحق بقايا ما سمي الطبقة الوسطى.

وسط تصريحات وتبريرات لشخوص حكومة تصريف الأعمال التي نشطت في إصدار القوانين والقرارات الصادمة، وكأن الوزارات لا تعاني من تضخم من العمالة ذات البطانة المقنعة وبكل الاختصاصات، ولا تحوي كفاءات لقانونية وصوابية القرارات والتي نُفاجأ من محتواها وانعكاساته، ووسط ذهول المواطن الذي تحول من الصبر للصراخ ولا نعرف ما يليه.

في جلسة حوارية مع شخصيات وطنية عميقة في استكشاف الهموم والحلول والرؤى والنوايا كان الإجماع أن الحاجة ملحّة إلى حكومة وطنية جامعة ذات صلاحيات واسعة ومفتوحة، وذات متابعة مستمرة تحاسب على البرامج، وأن حجم الألم والصراخ الشعبي قد فاق الحدود.

وأن حجم الصراحة والشفافية في ارتكاب الأخطاء أو الوضوح بقرارات أو سلوكيات تضع الزيت على النار قد زاد، وأن الصبر الشعبي قد وصل لأواخره وللأسف وسط مفاجأة الجميع، فحجم الضغوط قبل الاستحقاق الرئاسي كانت قوية لدرجة أن تجاوزها كان الهدف والغاية لنجاة سورية، فجاءت ردة فعلهم من قوة النجاح والإجماع أعنف وأكثر تأثيراً على المواطن مرآة التقييم.

ضمن الحوار استذكرنا تطورات سعر الصرف والمضاربات والتمريرات وآخرها قبل رمضان، الذي نصحنا من تمريره وتثبيته وكنا نعاكس تياراً قوياً هدفه التعويم وعرقلة الحلول الاقتصادية، لأن سعر صرف المرن والعادل مفتاحها، ولكن للأسف مرروا ما أرادوا وفق سعر حذّرنا من آثاره التضخمية التي بدأت ولم تنته ووسط نوم وثبات من جاوبوا بأن الهدف هو جذب التحويلات التي لم يكن سعر الصرف هو معرقلها وإنما التحريض والإعلام المغرض، ونعود اليوم لإعلام خارجي مغرض منتشر بين السوريين المهجرين يتوعد بمضاربات ولعب تسحق الليرة، ويترافق ذلك مع ضغوط لأجندات أكل عليها الزمن وسحقتها الانتصارات وسط الترقب والانتظار.

المواطن هو المرآة وتحصينه هو السد والحاجز لأي غزو، وما قدمه مواطننا لوطننا لم يشهد التاريخ مثله. فهل نبيض زجاج المرآة ليعود الوطن والمواطن.

كما قال وزير الاعلام نريد إعلام وطن ومواطن، ونتمنى، ولكن ذلك بحاجة إلى كوادر وإدارات قارئة عارفة وشجاعة.

 

العدد 1102 - 03/4/2024